ورئيس الطائفة ـ قدّس الله أرواحهم ـ لم يفتروا في أخبارهم بأنّ أحاديث كتبنا صحيحة أو بأنّها مأخوذة من الاصول المجمع عليها. ومن المعلوم : أنّ هذا القدر من القطع العادي كاف في جواز العمل بتلك الأحاديث.
وأقول ثامنا : قوله : « يلزمه عدم الحكم بجرح من تفرّد واحد من هؤلاء بجرحه وهو يلتزم ذلك » عجيب جدّا! إذ من المعلوم : أنّ حكم مجهول الحال حكم المجروح ، فإذا انضمّ إلى الجهل جرح جارح واحد ولو كان فاسقا أو مخالفا يقوى كونه في حكم مجروح.
ثمّ قال أدام الله أيّامه :
تبصرة : المكتفون من علمائنا في التزكية بالعدل الواحد الإماميّ يكتفون به في الجرح أيضا ، ومن لم يكتف به في التزكية لم يعوّل عليه في الجرح. وما يظهر من كلامهم في بعض الأوقات من الاكتفاء في الجرح بقول غير الإمامي ، محمول إمّا على الغفلة عمّا قرّره أو عن كون الجارح مجروحا ، كما وقع في الخلاصة من جرح أبان بن عثمان بكونه فاسد المذهب ، تعويلا على ما رواه الكشّي عن عليّ بن الحسن بن فضّال أنّه كان من الناووسية ، مع أنّ ابن فضّال فطحي لا يقبل جرحه لمثل أبان بن عثمان. ولعلّ العلّامة ـ طاب ثراه ـ استفاد فساد مذهبه من غير هذه الرواية وإن كان كلامه ظاهرا فيما ذكرناه [١] انتهى كلامه.
أقول أوّلا : قوله : « من لم يكتف به في التزكية لم يعوّل عليه في الجرح » أيضا من العجائب! وذلك لما حقّقناه : من أنّ مجهول الحال ومجهول المذهب في حكم المجروح ، فإذا تقوّى الجهل بحاله بانضمام جرح جارح ولو كان فاسد المذهب صار أولى بأن يكون في حكم من ثبت ضعفه *.
* إنّ المسألة ليست مفروضة في مجهول الحال حتّى يلزم قبول الجرح فيه حيث كان ، لأنّ المجهول قوله مردود بمجرد الجهالة ، فضلا عن انضمام الجرح. وإنّما الكلام في تعارض الجرح والتعديل كيف يقدّم قول الجارح إذا كان فاسد المذهب كما وقع في المسألة المفروضة؟