responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 466

الوجوب والحرمة الذاتيّين ، بل أقول : الدليل العقلي قائم على ذلك بأن نقول : لو كان الوجوب والحرمة بمعنى استحقاق العقاب ذاتيّين لكانا جاريين في أفعاله تعالى ، ومن المعلوم المتّفق عليه بطلانه. والقبيح الذاتي هو الفعل الّذي يتّصف بصفة إذا علمها الحكيم ينفّر عنه كما أفاده سلطان المحقّقين نصير الدين الطوسي رحمه‌الله في الفصول النصيرية [١] وكلّ من قال بالقبيح الذاتي بهذا المعنى قال بأنّ فاعله يستحقّ الذمّ في نظر الحكيم إذا فعله مع العلم باتّصافه بتلك الصفة. ومنهم من زاد على ذلك فقال بأنّ فاعله يستحقّ العقاب أيضا.

ثمّ اتّفقوا على أنّ فاعله مع الغفلة على اتّصافه بتلك الصفة معذور عند الحكيم ، واختلفوا في فاعله مع التردّد في اتّصافه بتلك الصفة هل هو معذور أم لا؟ فمنهم من قال بأنّه معذور. ومنهم من قال بأنّه غير معذور فيستحقّ الذمّ والعقاب. ثمّ القائلون بالثاني افترقوا فرقتين في حكم المتردد فرقة قالت بالوقف وفرقة قالت بالحظر.

وأنا أقول : القول بالحظر في حقّ المتردّد باطل قطعا ، لأنّه لا يجوز للمتردّد نهي الغير عن فعله ، لأنّ شرط النهي عن المنكر العلم بأنّه منكر ، ولأنّه يحتمل أن يطّلع فاعله في بعض الصور على ما لم يطلع عليه المتردّد ، فلا يجوز نهيه عنه ، ولو كان محظورا لجاز ، لأنّ الكلام في المحظور القطعي لا المحظور الاجتهادي.

ثمّ أقول : من المعلوم أنّ من قال بالملازمة بين استحقاق الذمّ وبين استحقاق العقاب مع العلم باتّصافه بتلك الصفة يلزمه أن يقول بالملازمة بينهما مع التردّد في اتّصافه بتلك الصفة. والحقّ الّذي لا ريب فيه عدم الملازمة بينهما ، كما نقلناه عن الزركشي واخترناه [٢] وأنّ حكم المتردّد الوقف ، لأنّه من البديهيات الفطرية أنّ المحاظر مذموم ولو سلّم ، لا الحظر ، لما حقّقناه آنفا من عدم جواز أن ينهى عنه.

ثمّ أقول : وضع هذا الباب ممّا لا طائل تحته عندي ، لوجوه :

أحدها : أنّه تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام بأنّ الحجّة على الخلق أوّل الخلق وآخر الخلق [٣] أي لا يخلو الأرض عن معصوم حجّة على الخلق أبدا ، ثمّ


[١] فارسي في اصول الدين ، للخواجة نصير الدين الطوسي ، لا يوجد عندنا.

[٢] راجع ص ٤٥٣.

[٣] راجع الكافي ١ : ١٧٧ ـ ١٨٠.

اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 466
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست