وذكر في كتاب تهذيب الاصول : الحادثة إن نزلت بالمجتهد في نفسه عمل على ما أدّاه اجتهاده إليه ، فإن تساوت الأمارات تخيّر أو عاد إلى الاجتهاد. وإن تعلّقت بغيره وكان ممّا يجري فيه الصلح كالمال اصطلحا أو ترافعا إلى حاكم يفصل بينهما ، ولا يجوز الرجوع بعد الحكم. وإن لم يجر فيه الصلح كالطلاق بصيغة يعتقدها أحدهما دون الآخر رجعا إلى حاكم غيرهما ، سواء كان صاحب الواقعة مجتهدا أو حاكما أو لا ، إذ ليس للحاكم أن يحكم لنفسه على غيره بل ينصب من قبله من يقضي بينهما.
وإن نزلت بالمقلّد رجع إلى المفتي ، فإن تعدّد رجع إلى ما اتّفقوا عليه ، فإن اختلفوا عمل بالأعلم الأزهد ، فإن تساويا تخيّر. وإن حكم بوقوع الخلع ثلاثا فسخا
فيه غير مأثوم والمصنّف يعتمد كلام المحقّق ، فكيف يدّعي أنّ كلّ مسألة يوجد عليها دليل قطعيّ من الحديث ويبطل الاجتهاد ، ويزعم أنّ صاحبه آثم ، ويخصّ العلّامة بالاعتراض عليه والتشنيع في ذلك. وكذلك أيضا المصنّف يعتمد كلام الأخ الشيخ حسن ـ قدّس الله روحه ـ لظنّه موافقة اعتقاده في بعض الموادّ ، وفي المعالم في فصل الأخبار بعد ذكره الأدلّة على العمل بخبر الواحد قال : الرابع أنّ باب العلم القطعي بالأحكام الشرعيّة الّتي لم تعلم بالضرورة من الدّين أو من مذهب أهل البيت عليهمالسلام في نحو زماننا منسدّ قطعا ، إذ الموجود من أدلّتها لا تفيد إلّا الظنّ ، لفقد السنّة المتواترة وانقطاع طريق الاطّلاع على الإجماع من غير جهة النقل بخبر الواحد ووضوح كون البراءة الأصليّة لا تفيد غير الظنّ وكون الكتاب ظنّيّ الدلالة ، وإذا تحقّق انسداد باب العلم في حكم شرعيّ كان التكليف فيه بالظنّ قطعا ، والعقل قاض بأنّ الظنّ إذا كان له جهات متعدّدة تتفاوت بالقوّة والضعف فالعدول منها عن القويّ إلى الضعيف قبيح ، ولا ريب أنّ كثيرا من أخبار الآحاد يحصل بها من الظنّ ما لا يحصل بشيء من سائر الأدلّة فيجب تقديم العمل بها [١] انتهى كلامه رفع الله مقامه.
إذا تبيّن هذا علم أنّ كلام المحقّقين على طرف النقيض لما يعتقده : من أنّ أحكام الشرع كلّها تستفاد بالقطع من الأحاديث ويحصل العلم بها ، مع اعتقاده فيهما التحقيق ، ومع ذلك يتجاهل عمّا لا يوافق وهمه الفاسد!