responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 411

أبا طالب ، أو أنّه إنّما قصد بذلك أن يطيب خاطر ذلك الرجل خشية أن يرتدّ أو كان ذلك قبل أن ينزّل عليه ( وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) [١] كما وقع أنّه سئل عن أطفال المشركين ، فقال : « هم من آبائهم » ثمّ سئل عنهم فذكر أنّهم في الجنّة [٢] *.

وأمّا قول النووي في حديث مسلم « إنّ من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو في النار » : وليس في هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإنّ هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره عليه الصلاة والسلام [٣] فبعيد جدّا ، للاتّفاق على أنّ إبراهيم ومن بعده لم يرسلوا للعرب ورسالة إسماعيل إليهم انتهت بموته ، إذ لم يعلم لغير نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله عموم بعثة بعد الموت.

وقد يؤوّل كلامه بحمله على عبّاد الأوثان الّذين ورد فيهم أنّهم في النار.

وبهذا يؤول كلام الفخر الرازي القريب من كلام النووي [٤].

ثمّ رأيت الآبي ـ شارح مسلم ـ بالغ في الردّ على النووي بأنّ كلامه متناف لحكمه بأنّهم أهل فترة ، وبأنّ الدعوة بلغتهم ومن بلغتهم الدعوة ليسوا أهل فترة ، لأنّهم الامم الكائنة بين أزمنة الرسل الّذين لم يرسل إليهم الأوّل ولا أدركوا الثاني.

ثمّ قال [٥] : ولمّا دلّت القواطع على أن لا تعذيب حتّى تقوم الحجّة علمنا أنّ أهل الفترة غير معذّبين انتهى. وهو موافق لما ذكرته.

وأمّا الّذين صحّ تعذيبهم مع كونهم من أهل الفترة ، فلا يردون نقضا على ما عليه الأشاعرة من أهل الكتاب والاصول والشافعية من الفقهاء من أنّ أهل الفترة لا يعذّبون ، وسبب ذلك أنّنا عهدنا في الغلام الّذي قتله الخضر عليه‌السلام أنّه حكم بكفره


* لو صحّ الحديث لم يصحّ تأويله بأبي طالب رضى الله عنه لأنّه لم يمت إلّا على الإسلام ، والعقل والنقل شاهد بذلك ، وكان كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه ليتيسّر له الذبّ عن رسول الله والانتصار له عليه‌السلام. وأمر الله سبحانه لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخروج من مكّة بعد وفاته وتعليله بموت ناصره وهو أبو طالب وغير ذلك أدلّة واضحة على إسلامه لا تحتمل الريب.


[١] الاسراء : ١٥.

[٢] الدرّ المنثور : ذيل الآية ١٥ من سورة الإسراء.

[٣] صحيح مسلم بشرح النووي ٣ : ٧٩.

[٤] انظر التفسير الكبير للرازي : ذيل الآية ١٥ من سورة الإسراء.

[٥] أي الآبي شارح صحيح مسلم.

اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست