responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 195

وأدائه؟ والله سبحانه يقول : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) [١] وفيه تبيان لكلّ شي‌ء وذكر أنّ الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنّه لا اختلاف فيه فقال سبحانه : ( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) [٢] وأنّ القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلّا به [٣] *.

وأقول : المقدّمتان القائلتان بأنّ كلّ ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة نزل في القرآن ، وبأنّه لا اختلاف فيما نزل فيه ، يستلزمان أن يكون كلّ من أفتى بحكمين مختلفين من غير ابتناء أحدهما على التقية مصداقا لقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) [٤] **.

ثمّ أقول : الكافر جاء بخمسة معان في كتاب الله تعالى ، وتلك المعاني وما هو


* إنّ الذمّ الواقع منه عليه‌السلام لأهل زمانه والاختلاف الواقع بينهم الناشئ عن الاعتماد على غير دليل الحقّ أمره وسببه واضح جليّ لا يشابهه إلّا ما هو مثله في الفساد والاعتماد. وأمّا غيره ممّا قصده المصنّف بهذا النقل فمنزّه أن يدخل في ضمن هذا الكلام ، لأنّه لا اختلاف فيه عن رأي فاسد ، كالّذين يفتون بذلك مع إمكان أن يعلموا الحقّ ، ولا يفتون به إذا رجعوا إلى من عنده علم ذلك في زمانهم ، ولا يمنعهم عن ذلك إلّا اتّباع الهوى والتعصّب والانحراف عن الانقياد والاتّباع لمن عنده الحقّ المستقيم ، وبسبب ذلك استحقّوا الذمّ والتعنيف ، لعدم العذر لهم في الجهالة والإفتاء بغير الصواب وتفسيرهم القرآن بما يوافق رأيهم من غير علم مع تمكّنهم في الرجوع في تفسيره إلى من يعلم تأويله على الحقّ وتركهم ذلك عنادا وانحرافا ، وأين هذا ممّا يتوهّمه المصنّف من المشابهة ويتخيّل الاستدلال بمثل ذلك عليه؟

** إنّ المقدّمتين تنتجان : أنّ من علم حكم الله المنزل وحكم بغيره متعمّدا أو ظنّه وكان له سبيل إلى العلم به وعوّل على ظنّه فحكم به كان مخالفا لما أنزل الله ، وهذا لا يتأتّى في اختلاف مجتهدي الحقّ ، لأنّهم لا يفتون إلّا بما أنزل الله ، واختلافهم لا يلزم منه وقوع الاختلاف في نفس القرآن. وقد وقع الاختلاف في تفسير القرآن في مواضع عديدة ولا يلزم من ذلك اختلافه في نفسه ، ولا محذور في الاختلاف مع عدم التمكّن من علم الحقّ.


[١] الأنعام : ٣٨.

[٢] النساء : ٨٢.

[٣] نهج البلاغة : ٦١ ، الكلام ٩٨.

[٤] المائدة : ٤٤.

اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست