responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 187

ـ الوجه الرابع ـ

إنّ المسلك الّذي مداركه غير منضبطة ـ وكثيرا ما يقع فيها التعارضات واضطراب


سواه يكفي فيه العدالة الموثوق معها بعدم تعمّد الكذب ، ولو لا ذلك لما تيسّر تبليغ الأحكام الشرعيّة عن نبيّ أو إمام في الجهات والأقطار.

والمحذور الموجب للعصمة في النبيّ أو الإمام ليس هو مجرّد جواز أن يخبر عن ظنّ أو خطاء حتّى يكون مثله في المجتهد ، بل إنّما هو للدليل العقلي ، وهو أنّ من يكون واسطة بين الله وبين عباده ليبلغهم الدين والشريعة لا يجوّز العقل اتّصافه بصفات النقص وأنّ الحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ حيث اختاره من عباده بهذا المطلوب الجليل وجب من باب اللطف أن ينزّهه عن الخطاء والغلط والنسيان وكلّ ما يخالف الغرض المختار له ليوافق الحكمة ، ولا نعلم حصول ذلك له إلّا بالمعجز الخارق للعادة ، وهذا في حقّ النبيّ ظاهر. وأمّا في الأئمّة فعلمنا ذلك بنصّ النبيّ وتخصيصهم من الله سبحانه وتعالى بالطهارة والشرف والعلم وظهور الكرامات على وجه لا يجوز العقل مجامعته للأدناس البشريّة ، وهذا عمدة الدليل على عصمتهم.

وأمّا خوف الكذب والغلط فلا يصلح وحده سببا للعصمة ، لأنّ العدالة والورع والضبط ينفي ذلك ، والاتّفاق واقع على قبول خبر العدل وإن لم ينتف عنه احتمال المحذور الّذي أوجب العصمة ، بل نقل في المعالم الاتّفاق على صحّة قبول الزوجة خبر زوجها إذا كانت حائضا وروى لها حكما عن المفتي [١] ولم يشترطوا عدالته. ونهاية ما يعتبر في قبول الخبر العدالة ، ولا يشترط مع ذلك العلم بصدقه والاحتمال الغفليّ أو العاديّ بجواز الخطاء الّذي جعل محذورا لا يؤثّر في المخبر إذا كان عدلا ، ويؤثّر في النبيّ والإمام ، لما ذكرناه من الفرق ، فلا ملازمة بينهما.

وإخبار المجتهد بالحكم لا يشترط فيه أن يكون في نفس الأمر كذلك على قول بعضهم ، وعلى قول آخر أنّه حكم الله في نفس الأمر وأنّ لله أحكاما مختلفة باختلاف المجتهدين فيها ، وعلى كلا الأمرين فالأمر ظاهر في أنّه لا محذور فيه إلّا احتمال تعمّد الكذب في اجتهاده في ذلك الحكم أو إخباره بخلاف ما أدّاه اجتهاده إليه ، والعدالة تؤمن من ذلك.

فعلم أنّ خصوصيّة الظنّ لا مدخل لها في الاستدلال ، وإنّما هو احتمال الكذب في الإخبار لا غير. وإن قلنا : إنّ المجتهد لا يخبر إلّا عن علم ، لما اشتهر عند الاصوليّين : أنّ ظنّية الطريق


[١] معالم الدين : ٢٤٧.

اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست