والذكورة والعدد وعدم القرابة للمشهود له وعدم العداوة للمشهود عليه ، دون الرواية لأنّ الرواية أبعد عن التهمة.
وأقول : من المعلوم أنّه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس ، لأنّه يثبت بالرواية حكم كلّي يعمّ المكلّفين إلى يوم القيامة وبالشهادة قضيّة جزئيّة ، ومن ثمّ تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بأنّه يكفي في باب الشهادات وإمام الجماعات العدالة الظاهرية [١] وبأنّه لا بدّ في راوي الحكم الإلهي العصمة أو من الثقة المأمون من الكذب والزّلّة [٢] *.
ومنها : قولهم بأنّ الحكم فيما لا دليل فيه نفي الحكم ، فنفي الدليل دليل على نفي الحكم ، لما ورد الشرع بأنّ ما لا دليل فيه لا حكم فيه ، فكان عدم الدليل لعدم الحكم مدركا شرعيا.
وملخّصه : أنّ عدم الدليل مدرك شرعي لعدم الحكم ، للإجماع على أنّ ما لا دليل فيه فهو منفيّ ، وذلك بعد ورود الشرع ، لظهور أنّه قبل ورود الشرع ليس من المدارك الشرعية ، كذا في الشرح العضدي [٣] وفي شرح الشرح للعلّامة التفتازاني.
أقول : من ضروريّات مذهب الإماميّة أنّ كلّ ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة وكلّ ما يختلف فيه اثنان ورد فيه خطاب وحكم من الله تعالى حتّى أرش
* الراوي للحكم عن الله سبحانه وتعالى بغير واسطة بشر لا شكّ في اشتراط عصمته ، وأمّا الراوي عنه بعد ذلك فيشترط فيه ما يشترط في صحّة الرواية ، ومع تطاول الأزمان وتعدّد طبقات الرواة المناسب فيه عدم المضايقة الّتي اعتبروها في الشهادة لكثرة الحاجة والضرورة إلى معرفة الأحكام والعمل بها ، فلو اعتبروا فيها ما اعتبروه في الشهادة انسدّ باب المعرفة لأغلب الأحكام من الحديث مع امتداد الزمان ، وهو مخالف للحكمة. وأيضا التهمة المانعة من القبول في الشهادة منتفية في الرواية ، والتوثيق والأمن من الكذب معتبر في الشهادة أيضا ، لأنّه داخل في مفهوم العدالة ، فلا تزيد الرواية عليها في ذلك ، كما يظهر من كلام المصنّف خلافه.
[١] راجع الوسائل ١٨ : ٢٨٨ ، الباب ٤١ من أبواب الشهادات. [٢] راجع الوسائل ١٨ : ٨٩ ، الباب ١٠ و ١١ ومن أبواب صفات القاضي. [٣] لم نعثر عليه.