أمّا بعد ، إنّ الاختلاف ليس شيئاً بدعاً وكما أنه ليس رحمة ، وقلّما وجدت جماعة أو فرقة أو شعب أو حضارة لم يدبّ إليها الاختلاف فيقطع أوصالها ويفرّق جمعها ، بل لا نعلم جماعة اتسقت أُمورها وانتظمت وحدتها واستمرّ حالها علىٰ ذلك ، وقد ورد في أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة من آله النّهي عن الاختلاف والفرقة [١] ، إذ ما اختلفت جماعة إلاّ وكان بعضها متّبعاً للهوىٰ ، فالهوىٰ هو السبب الرئيسي إن لم نقل الوحيد للاختلاف ، وهكذا كان شأن هذه الأُمة الإسلامية التي تعبد ربّاً واحداً وتؤمن بكتاب واحد وبنبي واحد ، حيث دبّ الاختلاف فيها فتقطعت طرائق قدداً وأحزاباً شتىٰ وتقطعت تلكم الأحزاب إلىٰ أُخرىٰ وهكذا حتّىٰ اختلط الحابل بالنابل وكلّ يدّعي أنه علىٰ الصراط السويّ ، والأتعس من ذلك من يدّعي أنّ غيره علىٰ باطل محض.
ولسنا الآن بصدد البحث في هذه الاختلافات وأسبابها ومن يقف وراءها.
[١] أنظر قول أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب في نهج البلاغة حيث يقول : « الخِلافُ يَهْدمُ الرَّأْيَ » ص٦٤٦ ، الكلمات القصار.
اسم الکتاب : الصّحابة في حجمهم الحقيقي المؤلف : الهاشمي بن علي الجزء : 1 صفحة : 7