اسم الکتاب : الزيارة والتوسّل المؤلف : صائب عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 17
فهذا ما كان في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يأتيه المذنب ، فيستغفر ، ويطلب منه الاستغفار والشفاعة له ، ولما ورد فيها من تكريم خاص وإجلال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجد المسلمون استحباب العمل بها بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيأتي قبره الشريف ، ويستغفر عنده ويسأل صاحبه الشفاعة ، ذلك لاَنّ إجلال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وتكريمه واجب بعد موته كوجوبه في حياته ، والعمل بهذه الآية بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كالعمل بالآية القائلة : (لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْل)[١] حيث مضت سيرة المسلمين على وجوب العمل بها عند قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والاَثر في ذلك كثير ، بحيث كتبت هذه الآية على الجدار المقابل لقبر الرسول اليوم.
ومثل ذلك ورد في الاَثر الكثير في العمل بالآية موضع الاستدلال عند قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في عهد الصحابة وبعده ، سنورد أمثلةً منها في المباحث اللاحقة ، ونكتفي هنا بذكر استدلال مالك بن أنس بالآية في ردِّه على أبي جعفر المنصور ، وهما عند قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد سأله أبو جعفر المنصور : أستقبل القبلة وأدعوا ، أم استقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
فقال مالك : ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليهالسلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟! بل استقبله واستشفع به فيشفّعه الله تعالى ، قال الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرَوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)[٢]. وفي مقدمة كلام مالك وأبي جعفر كان مالك قد
[١] سورة الحجرات : ٤٩ / ٢.[٢] شفاء السقام / السبكي : ٦٩ ـ ٧٠.
اسم الکتاب : الزيارة والتوسّل المؤلف : صائب عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 17