اسم الکتاب : الأمان من أخطار الأسفار والأزمان المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 197
الباب الرابع
في وصف العلاج من العرق المديني إذا تولّد في البدن.
ولأنّ العلم بما ينتفع به ـ وإن لم تدع إليه حاجة شديدة ـ حسن محمود ، رأيت أن أصف العلاج من العرق المدينّي ، وإن كان بقراط وجالينوس لم يذكراه.
وأنا أقول فيه ما قاله سورانورس ولاوبندس وهما إمامان من ائمة الاطباء ، فأمّا سورانوس فإنّه لم ير هذا العرق حيوانً وأنّه يتحرك ، بل رأى أنّه يتوهّم أنّه يتحرك وهو بالحقيقة غير متحرّك. فأمّا لاوبندس وغيره ممّن أتى بعده ، فإنّهم رأوا أنّه حيوان يتولّد في لحم العضل ، فأكثر تولّده يكون في السواعد والأعضاد والسوق والأفخاذ ، فأمّا في الصبيان فأّنه يتولّد مع ذلك أيضاً منهم في الظهر والصدر تحت الجلد.
وقد اتفق كلّهم في علاجه على أنه ينبغي أن ينطل [١] العضو الذي ظهر فيه بالماء الحار نطلاً دائماً حتى يخرج طرفه ، فإذا خرج سل سّلاً رفيقاً ، فإن لم يجب إلى الخروج شدّ في طرفه رصاصة بخيط ، وترك لتجذبه الرصاصة بثقلها فتحطه إلى أسفل فتسلّه شيئاً فشيئاً.
ويستعمل مع ذلك ـ أيضاً ـ إقعاد العليل في الماء الحار ، ويضمد الموضع بالأضمدة المحللة ، كالضماد ، المتّخذ من دقيق الشعير ، ودقيق الحنطة ، والحلبة ، والتين ، والبابونج ، وما أشبه ذلك. وتلزق عليه لزوقات محللة كاللزوق المنسوب إلى الغار والطرفاء ، وغير ذلك ممّا شابهه ، فإن انقطع العرق وتفتح موضعه ، شق عنه وعولج كما تعالج سائر الجراحات.
فقد أتيت على ما يحتاج إلى وصفه من علاج العرق المديني ، وسلكت في ذلك المسلك الذي سلكته في سائر هذا الكتاب ، فإنّي قد وصفت فيه أشياء كثيرة ، وأنا أرى أن الله ـ جلّ وعزّ ـ بمنّه وطوله وسعة رحمته ، سيغنيك [٢] بالعافيه ، فلا تحتاج إلى استعمال شيء منها ، على أنّي مع ذلك قد رجعت إلى أن مثلك لا يخرج إلى مثل هذا السفر ، بل
[١] نطل فلان نفسه نطلاً : إذا صبّ عليه منه شيئاً بعد شيء يتعالح به. «لسان العرب ـ نطل ـ ١١ : ٦٦٧». [٢] في «ش» زيادة : كل شيء.
اسم الکتاب : الأمان من أخطار الأسفار والأزمان المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 197