responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأمالي - ط دار الثقافة المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 1  صفحة : 75

أَتَيْنَاكَ وَ الْعَذْرَاءُ يَدْمَى لَبَانُهَا[1]

وَ قَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الْبَنِينَ عَنِ الطِّفْلِ‌

وَ أَلْقَى بِكَفَّيْهِ الْفَتَى اسْتِكَانَةً

مِنَ الْجُوعِ ضَعْفاً مَا يُمِرُّ وَ لَا يُحْلِي‌

وَ لَا شَيْ‌ءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا

سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَامِيِّ وَ الْعِلْهِزِ الْفَسْلِ‌[2]

وَ لَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا

وَ أَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ‌

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِلصَّحَابَةِ: إِنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ يَشْكُو قِلَّةَ الْمَطَرِ وَ قَحْطاً شَدِيداً. ثُمَّ قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ كَانَ فِيمَا حَمِدَهُ بِهِ أَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا فِي السَّمَاءِ وَ كَانَ عَالِياً، وَ فِي الْأَرْضِ قَرِيباً دَانِياً أَقْرَبُ إِلَيْنَا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً، وَ مَرِيئاً، مَرِيعاً، غَدَقاً، طَبَقاً، عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ‌[3]، نَافِعاً غَيْرَ ضَارٍّ، تَمْلَأُ بِهِ الزَّرْعَ، وَ تُنْبِتُ الزَّرْعَ، وَ تُحْيِي بِهِ‌ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها.

فَمَا رَدَّ يَدَهُ إِلَى نَحْرِهِ حَتَّى أَحْدَقَ السَّحَابُ بِالْمَدِينَةِ كَالْإِكْلِيلِ، وَ الْتَقَتِ السَّمَاءُ بِأَرْوَاقِهَا[4]، وَ جَاءَ أَهْلُ الْبِطَاحِ يَضِجُّونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْغَرَقَ الْغَرَقَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَ لَا عَلَيْنَا، فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ السَّمَاءِ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ: لِلَّهِ دَرُّ أَبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيّاً لَقَرَّتْ عَيْنَاهُ، مَنْ يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: عَسَى أَرَدْتَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ:


[1] اللبان- بالفتح-: الصدر،- و بالكسر-: الرضاع.

[2] الحنظل العاميّ: أي اليابس، الذي أتى عليه عام، و العلهز: نبت كالبردي، و الفسل: المسترذل الردي‌ء.

[3] المغيث: العامّ، و المريع: المخصب، و الغدق: الغزير الغامر، و غير رائث: غير بطي‌ء.

[4] الأرواق: جمع روق، و روق السحاب: سيله، أي ألقت السماء بجميع ما فيها من المطر.

اسم الکتاب : الأمالي - ط دار الثقافة المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست