الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ نُعِّمَ أَهْلُهُ، وَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ، وَ أَطْلَقَ بِهَا لِسَانَهُ، وَ بَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا، وَ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ.
1522- 6- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَّامٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدٍ، وَ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ، فَإِذَا أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكُمْ، وَ أُحِبُّ رِيحَكُمْ وَ أَرْوَاحَكُمْ، فَأَعِينُونَا عَلَى ذَلِكَ بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا وَلَايَتَنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ، مَنِ ائْتَمَّ بِإِمَامٍ فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِهِ.
ثُمَّ قَالَ: أَنْتُمْ شُرْطَةُ اللَّهِ، وَ أَنْتُمْ شِيعَةُ اللَّهِ، وَ أَنْتُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ، وَ السَّابِقُونَ الْآخَرُونَ، أَنْتُمُ السَّابِقُونَ فِي الدُّنْيَا إِلَى وَلَايَتِنَا، وَ السَّابِقُونَ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ، ضَمِنَّا لَكُمُ الْجَنَّةَ بِضَمَانِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ ضَمَانِ رَسُولِهِ، أَنْتُمُ الطَّيِّبُونَ، وَ نِسَاؤُكُمُ الطَّيِّبَاتُ، كُلُّ مُؤْمِنٍ صِدِّيقٌ، وَ كُلِّ مُؤْمِنَةٍ حَوْرَاءُ، كَمْ مِنْ مَرَّةٍ قَدْ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِقَنْبَرٍ: بَشِّرْ وَ أَبْشِرْ وَ اسْتَبْشِرْ، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ إِنَّهُ لَسَاخِطٌ عَلَى جَمِيعِ أُمَّتِهِ إِلَّا الشِّيعَةَ، إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ عُرْوَةً، وَ إِنَّ عُرْوَةَ الدِّينِ الشِّيعَةُ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ إِمَاماً، وَ إِنَّ إِمَامَ الْأَرْضِ أَرْضٌ تَسْكُنُهَا الشِّيعَةُ، أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَهْوَةً، وَ إِنَّ شَهْوَةَ الدُّنْيَا لَسُكْنَى الشِّيعَةِ فِيهَا، وَ اللَّهِ لَوْ لَا مَا فِي الْأَرْضِ مِنْكُمْ مَا اسْتَكْمَلَ أَهْلُ خِلَافِكُمْ طَيِّبَاتِ مَالِهِمْ، وَ مَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، وَ كُلُّ مُخَالِفٍ- وَ إِنْ تَعَبَّدَ- مَنْسُوبٌ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ- عامِلَةٌ ناصِبَةٌ- تَصْلى ناراً حامِيَةً- تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ»[1].
وَ اللَّهِ مَا دَعَا مُخَالِفٌ دَعْوَةَ خَيْرٍ إِلَّا كَانَتْ إِجَابَةُ دَعْوَتِهِ لَكُمْ، وَ لَا دَعَا مِنْكُمْ أَحَدٌ دَعْوَةَ خَيْرٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مِائَةٌ، وَ لَا سَأَلَهُ إِلَّا كَانَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مِائَةٌ، وَ لَا عَمِلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ حَسَنَةً إِلَّا لَمْ تُحْصَ تَضَاعِيفُهَا، وَ اللَّهِ إِنَّ صَائِمَكُمْ لَيَرْتَعُ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَ اللَّهِ إِنَّ حَاجَّكُمْ وَ مُعْتَمِرَكُمْ لَمِنْ خَاصَّةِ اللَّهِ، وَ إِنَّكُمْ جَمِيعاً لَأَهْلُ دَعْوَةِ اللَّهِ وَ أَهْلُ إِجَابَتِهِ، لَا
[1] سورة الغاشية 88: 2- 5.