شِرْذِمَةً مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَ الْعِرَاقِ نَزَلُوا بِسَاحَتِهِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحَقِّ فَلَمْ يُجِيبُوا، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ذَوِي الرَّأْيِ وَ الدِّينِ وَ الصَّلَاحِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ ظُلْمَ الظَّالِمِينَ وَ عَدُوْانَ الْمُعْتَدِينَ. فَلَمْ يُجِيبُوهُ إِلَى الْخُرُوجِ، ثُمَّ إِنَّهُ نَزَلَ.
فَقَدِمُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ حَتَّى حَضَرُوا الْمَدِينَةَ، وَ قِيلَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ مُنِعَ الْمَاءَ، فَأَمَرَ بِالرَّوَايا فَعُكِمَتْ[1]، وَ جَاءَ لِلنَّاسِ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَصَاحَ بِهِمْ صَيْحَةً فَانْفَرَجُوا، فَدَخَلَتِ الرَّوَايَا، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اجْتِمَاعَ النَّاسِ وَ وُجُوهَهُمْ، دَخَلَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى وَسَائِدَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَقْتُولٌ فَامْنَعُوهُ.
فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ دُونَ أَنْ تُعْطِيَ بَنُو أُمَيَّةَ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهَا..
5، 2، 1، 14- 1518- 2- وَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَبْدَ الرَّحْمَنِ. قَالَ: لَمَّا بَلَغَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَسِيرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي مَسِيرُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَ اسْتِخْفَافُهُما حَبِيسَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ اسْتِفْزَازُهُمَا أَبْنَاءَ الطُّلَقَاءِ، وَ تَلْبِيسُهُمَا عَلَى النَّاسِ بِدَمِ عُثْمَانَ، وَ هُمَا أَلَبَّا عَلَيْهِ، وَ فَعَلَا بِهِ الْأَفَاعِيلَ، وَ خَرَجَا لِيَضْرِبَا النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، اللَّهُمَّ فَاكْفِ الْمُسْلِمِينَ مَئُونَتَهُمَا، وَ اجْزِهِمَا الْجَوَازِيَ، وَ حَضَّ النَّاسَ عَلَى الْخُرُوجِ فِي طَلَبِهِمَا، فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الَّذِي يَفُوتُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ مَجْلِسِكَ فِيمَا بَيْنَ قَبْرِهِ وَ مِنْبَرِهِ، أَعْظَمُ مِمَّا تَرْجُو مِنَ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ، فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تَسِيرُ لِحَرْبٍ فَقَدْ أَقَامَ عُمَرُ وَ كَفَاهُ سَعْدٌ زَحْفَ الْقَادِسِيَّةِ، وَ كَفَاهُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ زَحْفَ نَهَاوَنْدَ، وَ كَفَاهُ أَبُو مُوسَى زَحْفَ تُسْتَرَ، وَ كَفَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ زَحْفَ الشَّامِ، فَإِنْ كُنْتَ سَائِراً فَخَلِّفْ عِنْدَنَا شُقَّةً مِنْكَ نَرْعَاهُ فِيكَ وَ نَذْكُرَكَ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ:
[1] عكم الشيء: شدّه.