وَ السَّلَامُ".
فَجَاءَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، فَادْعُهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَقَالَ: نَعَمْ، إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ عَلَى أَنْ تَفِيَ لَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ أَعْطَيْتَهُ عَنْكَ لَهُمْ. فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْداً غَلِيظاً وَ مَشَى إِلَى الْقَوْمِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ، قَالُوا: وَرَاءَكَ[1]. قَالَ: لَا. قَالُوا: وَرَاءَكَ. قَالَ: لَا. فَجَاءَ بَعْضُهُمْ لِيَدْفَعَ فِي صَدْرِهِ حِينَ قَالَ، فَقَالَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَتَاكُمْ ذَلِكَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَعْرِضُ كِتَابَ اللَّهِ! اسْمَعُوا مِنْهُ وَ اقْبَلُوا. قَالُوا: تَضْمَنُ لَنَا كَذَلِكَ. قَالَ:
نَعَمْ.
فَأَقْبَلَ مَعَهُ أَشْرَافُهُمْ وَ وُجُوهُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ فَعَاتَبُوهُ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا أَحَبُّوا، فَقَالُوا: اكْتُبْ لَنَا عَلَى هَذَا كِتَاباً، وَ لِيَضْمَنْ عَلِيٌّ عَنْكَ مَا فِي الْكِتَابِ. قَالَ:
اكْتُبُوا أَنَّى شِئْتُمْ، فَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُثْمَانَ بْنُ عَفَّانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ نَقَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ لَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَنَّ الْمَحْرُومَ يُعْطَى، وَ أَنَّ الْخَائِفَ يُؤْمَنُ، وَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ يُرَدُّ، وَ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَا يُجْمَرُ[2]، وَ أَنَّ الْفَيْءَ لَا يَكُونُ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ، وَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ضَامِنٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عُثْمَانَ الْوَفَاءَ لَهُمْ عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ. شَهِدَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَ أَبُو أَيُّوبَ بْنُ زَيْدٍ. وَ كُتِبَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ".
فَأَخَذُوا الْكِتَابَ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَلَمَّا نَزَلُوا أَيْلَةَ إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ فَأَخَذُوهُ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ قَالَ: أَنَا رَسُولُ عُثْمَانَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَوْ فَتَّشْنَاهُ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ كَتَبَ فِينَا، فَفَتَّشُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئاً، فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ التُّجِيبِيُّ: انْظُرُوا
[1] وراءك: اسم فعل بمعنى ارجع أو تأخّر.
[2] جمّر الجيش: حبسهم في أرض العدوّ و لم يقفلهم من الثغر، و في الحديث:« لا تجمّروا الجيش فتفتنوهم».