الْعَسَلِ، وَ أَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، حَصَاهُ الزَّبَرْجَدُ وَ الْيَاقُوتُ وَ الْمَرْجَانُ، حَشِيشُهُ الزَّعْفَرَانُ، تُرَابُهُ الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ[1]، قَوَاعِدُهُ تَحْتَ عَرْشِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدَهُ عَلَى جَنْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّ هَذَا النَّهَرَ لِي وَ لَكَ وَ لِمُحِبِّيكَ مِنْ بَعْدِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى النَّاكِثِينَ بِالْبَصْرَةِ نَزَلَ بِالرَّبَذَةِ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ مِنْهَا لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، وَ قَدْ نَزَلَ بِمَنْزِلٍ يُقَالُ لَهُ فَائِدٌ[2] فَقَرَّبَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ، وَ وَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ، كَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ أَوِ اسْتَبْشَرُوا بِهِ، فَقَدْ وَ اللَّهِ كَرِهُوا مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ نَابَذُوهُ وَ قَاتَلُوهُ فَرَدَّ اللَّهُ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ، وَ اللَّهِ لَنُجَاهِدَنَّ مَعَكَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ حِفْظاً لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَرَحَّبَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَ كَانَ لَهُ حَبِيباً وَ وَلِيّاً، يُسَائِلُهُ عَنِ النَّاسِ، إِلَى أَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ مَا أَنَا وَاثِقٌ بِهِ، وَ مَا آمَنُ عَلَيْكَ خِلَافَهُ إِنْ وَجَدَ مُسَاعِداً عَلَى ذَلِكَ.
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا كَانَ عِنْدِي مُؤْتَمَناً وَ لَا نَاصِحاً، وَ لَقَدْ كَانَ الَّذِينَ تَقَدَّمُونِي اسْتَوْلَوْا عَلَى مَوَدَّتِهِ وَ وَلَّوْهُ وَ سَلَّطُوهُ بِالْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ، وَ لَقَدْ أَرَدْتُ عَزْلَهُ، فَسَأَلَنِي الْأَشْتَرُ فِيهِ أَنْ أُقِرَّهُ فَأَقْرَرْتُهُ عَلَى كُرْهٍ مِنِّي لَهُ، وَ عَمِلْتُ عَلَى صَرْفِهِ مِنْ بَعْدُ.
[1] الأذفر: الشديد الرائحة.
[2] فائد: جبل في طريق مكّة.