الْكَرَامَةِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ، وَ أَذَلَّ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ مَسْكَنَةٍ، وَ أَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَ رَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ، وَ خَالَطَ أَهْلَ الْفَقْرِ وَ الْحِكْمَةِ، طُوبَى لِمَنْ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَ حَسُنَتْ عَلَانِيَتُهُ، وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، الْبَسِ الْخَشِنَ مِنَ اللِّبَاسِ، وَ الصَّفِيقَ[1] مِنَ الثِّيَابِ، لِئَلَّا يَجِدَ الْفَخْرُ فِيكَ مَسْلَكاً.
يَا أَبَا ذَرٍّ، يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ فِي صَيْفِهِمْ وَ شِتَائِهِمْ، يَرَوْنَ أَنَّ لَهُمُ الْفَضْلَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِمْ، أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمْ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: كُلُّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ[2] بِهِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ.
1163- 2- قَالَ أَبُو ذَرٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): وَ دَخَلْتُ يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَاغْتَنَمْتُ وَحْدَتَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً. قُلْتُ:
وَ مَا تَحِيَّتُهُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: رَكْعَتَانِ تَرْكَعُهُمَا.
ثُمَّ الْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ، فَمَا الصَّلَاةُ قَالَ: خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنْ شَاءَ أَقَلَّ، وَ مَنْ شَاءَ أَكْثَرَ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَالَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُهُمْ إِيمَاناً قَالَ: أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً.
قُلْتُ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ.
قُلْتُ: أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ قَالَ: مَنْ هَجَرَ السُّوءَ.
[1] الثوب الصفيق: الكثيف النسج.
[2] الطمر: الثوب الخلق، و لا يؤبه به: لا يلتفت إليه و لا يعتدّ به.