responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأمالي - ط دار الثقافة المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 1  صفحة : 531

يَا أَبَا ذَرٍّ، وَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كَانَتْ تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى الْكَافِرَ وَ الْفَاجِرَ مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ.

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ).

يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا مِنْ شَيْ‌ءٍ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ مِنَ الدُّنْيَا، خَلَقَهَا ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا، وَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَ مَا مِنْ شَيْ‌ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ (تَعَالَى) مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَ تَرْكِ مَا أَمَرَ أَنْ يُتْرَكَ.

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) أَوْحَى إِلَى أَخِي عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عِيسَى، لَا تُحِبَّ الدُّنْيَا فَإِنِّي لَسْتُ أُحِبُّهَا، وَ أَحِبَّ الْآخِرَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْمَعَادِ.

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَتَانِي بِخَزَائِنِ الدُّنْيَا عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذِهِ خَزَائِنُ الْأَرْضِ وَ لَا تَنْقُصُكَ مِنْ حَظِّكَ عِنْدَ رَبِّكَ (تَعَالَى)، فَقُلْتُ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، إِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُ رَبِّي، وَ إِذَا جُعْتُ سَأَلْتُهُ.

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ، وَ زَهَّدَهُ فِي الدُّنْيَا، وَ بَصَّرَهُ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ.

يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا زَهِدَ عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ، وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ، وَ بَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا وَ دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا، وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ.

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا رَأَيْتَ أَخَاكَ قَدْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَاسْتَمِعْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُلْقِي إِلَيْكَ الْحِكْمَةَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ قَالَ: مَنْ لَمْ يَنْسَ الْمَقَابِرَ وَ الْبِلَى، وَ تَرَكَ مَا يَفْنَى لِمَا يَبْقَى، وَ مَنْ لَمْ يَعُدَّ غَداً مِنْ أَيَّامِهِ، وَ عَدَّ نَفْسَهُ فِي الْمَوْتَى.

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) لَمْ يُوحِ إِلَيَّ أَنْ أَجْمَعَ الْمَالَ، لَكِنْ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ سَبِّحْ‌ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‌[1].

يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَلْبَسُ الْغَلِيظَ، وَ أَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ، وَ أَرْكَبُ الْحِمَارَ بِغَيْرِ سَرْجٍ، وَ أُرْدِفُ خَلْفِي، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.


[1] تضمين من سورة الحجر 15: 98 و 99.

اسم الکتاب : الأمالي - ط دار الثقافة المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 1  صفحة : 531
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست