غَيْرِهِ. قَالَ: فَأَيُّ الْخَلْقِ أَقْوَى قَالَ: الْحَلِيمُ. قَالَ: فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ قَالَ: مَنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ. قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ قَالَ: مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ. قَالَ: فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ قَالَ: الَّذِي لَا يَغْضَبُ. قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْياً قَالَ: مَنْ لَمْ يَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ، وَ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْيَا بِتَسَوُّفِهَا[1]. قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ أَحْمَقُ قَالَ: الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ يَرَى مَا فِيهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا. قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً قَالَ: الَّذِي حُرِمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ، وَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ. قَالَ: فَأَيُّ الْخَلْقِ أَعْمَى قَالَ: الَّذِي عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ (تَعَالَى) يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ). قَالَ:
فَأَيُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ قَالَ: الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ. قَالَ: فَأَيُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ قَالَ: الْمُصِيبَةُ بِالدِّينِ. قَالَ: فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَالَ: انْتِظَارُ الْفَرَجِ. قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: أَخْوَفُهُمْ لَهُ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا. قَالَ: فَأَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: كَثْرَةُ ذِكْرِهِ وَ التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ وَ دُعَاؤُهُ. قَالَ: فَأَيُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: وَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) قَالَ: التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ. قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ قَالَ: مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى الشَّيْخِ فَقَالَ: يَا شَيْخُ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ نَظَراً لَهُمْ، فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا، فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّذِي دَعَاهُمْ، وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ، وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ، فَلَقُوا اللَّهَ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلٌ لِمَنْ مَضَى وَ بَقِيَ، فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ، وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ، وَ صَبَرُوا عَلَى أَدْنَى الْقُوتِ، وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ، وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ، وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ.
وَ السَّلَامُ.
فَقَالَ الشَّيْخُ: فَأَيْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ، وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَى أَهْلَهَا مَعَكَ! جَهِّزْنِي بِقُوَّةٍ
[1] في نسخة: بتشوقها.