الْقُمِّيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ تَذَاكَرُوا عِنْدَهُ الْفُتُوَّةَ، فَقَالَ: وَ مَا الْفُتُوَّةُ، لَعَلَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّهَا بِالْفُسُوقِ وَ الْفُجُورِ! كَلَّا إِنَّمَا الْفُتُوَّةُ طَعَامٌ مَوْضُوعٌ، وَ نَائِلٌ مَبْذُولٌ، وَ بِشْرٌ مَقْبُولٌ، وَ عَفَافٌ مَعْرُوفٌ، وَ أَذًى مَكْفُوفٌ، وَ أَمَّا تِلْكَ فَشَطَارَةٌ وَ فُسُوقٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَ مَا الْمُرُوءَةُ فَقُلْنَا: لَا نَعْلَمُ. قَالَ: فَقَالَ: الْمُرُوءَةُ وَ اللَّهِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ خِوَانَهُ بِحَسَبِ غِنَاهُ، فَإِنَّ الْمُرُوءَةَ مُرُوءَتَانِ: مُرُوءَةٌ فِي السَّفَرِ، وَ مُرُوءَةٌ فِي الْحَضَرِ، فَأَمَّا الَّتِي فِي الْحَضَرِ فَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَ لُزُومُ الْمَسَاجِدِ، وَ الْمَشْيُ مَعَ الْإِخْوَانِ فِي الْحَوَائِجِ، وَ النِّعْمَةُ تُرَى عَلَى الْخَادِمِ، فَإِنَّهَا مِمَّا تَسُرُّ الصَّدِيقَ، وَ تَكْبِتُ الْعَدُوَّ، وَ أَمَّا الَّتِي فِي السَّفَرِ فَكَثْرَةُ الزَّادِ، وَ طِيبُهُ، وَ بَذْلُهُ لِمَنْ يَكُونُ مَعَكَ، وَ كِتْمَانُكَ عَلَى الْقَوْمِ بَعْدَ مُفَارَقَتِكَ إِيَّاهُمْ.
قَالَ: وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالْحَقِّ نَبِيّاً، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَرْزُقُ الْعَبْدَ عَلَى قَدْرِ الْمُرُوءَةِ، وَ إِنَّ الْمَعُونَةَ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ، وَ إِنَّ الصَّبْرَ لَيَنْزِلُ عَلَى قَدْرِ شِدَّةِ الْبَلَاءِ عَلَى الْمُؤْمِنِ.
595- 42- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَيْسَ لِحَاقِنٍ[1] رَأْيٌ، وَ لَا لِمَلُولٍ صَدِيقٌ، وَ لَا لِحَسُودٍ غِنًى، وَ لَيْسَ بِحَازِمٍ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْعَوَاقِبِ، وَ النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ تَلْقِيحُ الْقُلُوبِ.
596- 43- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ: يَا مُعَلَّى، عَلَيْكَ بِالسَّخَاءِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ، فَإِنَّهُمَا يُزَيِّنَانِ الرَّجُلَ كَمَا تُزَيِّنُ الْوَاسِطَةُ الْقِلَادَةَ.
597- 44- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِدَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ: يَا دَاوُدُ، إِنَّ خِصَالَ الْمَكَارِمِ بَعْضُهَا مُقَيَّدٌ بِبَعْضٍ، يَقْسِمُهَا اللَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ، تَكُونُ فِي الرَّجُلِ، وَ لَا تَكُونُ فِي ابْنِهِ، وَ تَكُونُ فِي الْعَبْدِ، وَ لَا تَكُونُ فِي سَيِّدِهِ: صِدْقُ الْحَدِيثِ، وَ صِدْقُ النَّاسِ، وَ إِعْطَاءُ السَّائِلِ، وَ الْمُكَافَأَةُ بِالصَّنَائِعِ، وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ، وَ صِلَةُ الرَّحِمِ، وَ التَّوَدُّدُ إِلَى الْجَارِ وَ الصَّاحِبِ، وَ قِرَى الضَّيْفِ، وَ رَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ.
[1] الحاقن: الذي احتبس بوله فتجمّع.