فَبَعُدْتُ عَنِ الْمَوْضِعِ خَوْفاً مِنْ لَوْمِهِ، وَ تَأَلَّمْتُ لَهُ حَيْثُ يَشْقَى بِطَلَبِ الْإِنَاءِ، فَنَادَانِي نِدَاءَ مُغْضَبٍ فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ أَيْشٍ عُذْرِي أَنْ أَقُولَ نَسِيتُ مِثْلَ هَذَا وَ لَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنْ إِجَابَتِهِ، فَجِئْتُ مَرْعُوباً فَقَالَ لِي: يَا وَيْلَكَ، أَ مَا عَرَفْتَ رَسْمِي، أَنَّنِي لَا أَتَطَهَّرُ إِلَّا بِمَاءٍ بَارِدٍ، فَسَخَّنْتَ لِي مَاءً وَ تَرَكْتَهُ فِي السَّطْلِ! قُلْتُ: وَ اللَّهِ يَا سَيِّدِي، مَا تَرَكْتُ السَّطْلَ وَ لَا الْمَاءَ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ اللَّهِ لَا تَرَكْنَا رُخْصَةً وَ لَا رَدَدْنَا مِنْحَةً، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنَا مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ، وَ وَفَّقَنَا لِلْعَوْنِ عَلَى عِبَادَتِهِ، إِنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ عَلَى مَنْ لَا يَقْبَلُ رُخْصَةً.
588- 35- أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَحَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكُتْنُجِيُّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: شِيعَتُنَا جُزْءٌ مِنَّا، خُلِقُوا مِنْ فَضْلِ طِينَتِنَا، يَسُوؤُهُمْ مَا يَسُوؤُنَا، وَ يَسُرُّهُمْ مَا يَسُرُّنَا، فَإِذَا أَرَادَنَا أَحَدٌ فَلْيَقْصِدْهُمْ فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ يُوصَلُ مِنْهُ إِلَيْنَا.
589- 36- الْفَحَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَنْصُورِيُّ، بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا تُخَيِّبْ رَاجِيَكَ، فَيَمْقُتَكَ اللَّهُ وَ يُعَادِيَكَ.
590- 37- قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُوطِيرٍ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا، وَ كَانَ جَدُّهُ بُوطِيرٌ غُلَامَ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ هُوَ سَمَّاهُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَ كَانَ مِمَّنْ لَا يَدْخُلُ الْمَشْهَدَ، وَ يَزُورُ مِنْ وَرَاءِ الشُّبَّاكِ، وَ يَقُولُ: لِلدَّارِ صَاحِبٌ حَتَّى أُذِنَ لَهُ، وَ كَانَ مُتَأَدِّباً يَحْضُرُ الدِّيوَانَ، وَ كَانَ إِذَا طَلَبَ مِنَ الْإِنْسَانِ حَاجَةً، فَإِنْ أَنْجَزَهَا شَكَرَ وَ بَشَّرَ، وَ إِنْ وَعَدَهُ عَادَ إِلَيْهِ ثَانِيَةً، فَإِنْ أَنْجَزَهَا وَ إِلَّا عَادَ ثَالِثَةً، فَإِنْ أَنْجَزَهَا وَ إِلَّا قَامَ فِي مَجْلِسِهِ، إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ مَجْلِسٌ، أَوْ جَمَعَ النَّاسَ فَأَنْشَدَ:
أَ عَلَى الصِّرَاطِ تُرِيدُ رَعِيَّةَ ذِمَّتِي
أَمْ فِي الْمَعَادِ تَجُودُ بِالْإِنْعَامِ
إِنِّي لِدُنْيَايَ أُرِيدُكَ فَانْتَبِهْ
يَا سَيِّدِي مِنْ رَقْدَةِ النُّوَّامِ
.
591- 38- أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَحَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ هَارُونَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى) «ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً»،