أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنُ زِيَادٍ الْأَحْمَرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ أَبِيهِ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَدْ بُويِعَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَوَجَدْتُهُ مُطْرِقاً كَئِيباً، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَصَابَكَ- جُعِلْتُ فِدَاكَ- مِنْ قَوْمِكَ فَقَالَ: صَبْرٌ جَمِيلٌ. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّكَ لَصَبُورٌ.
قَالَ: فَأَصْنَعُ مَا ذَا قُلْتُ: تَقُومُ فِي النَّاسِ وَ تَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِكَ وَ تُخْبِرُهُمْ أَنَّكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِالْفَضْلِ وَ السَّابِقَةِ، وَ تَسْأَلُهُمُ النَّصْرَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُتَظَاهِرِينَ عَلَيْكَ، فَإِنْ أَجَابَكَ عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ شَدَّدْتَ بِالْعَشْرِ عَلَى الْمِائَةِ، فَإِنْ دَانُوا لَكَ كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْتَ، وَ إِنْ أَبَوْا قَاتِلْهُمُ، فَإِنْ ظَهَرْتَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ سُلْطَانُ اللَّهِ الَّذِي آتَاهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كُنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ، وَ إِنْ قُتِلْتَ فِي طَلَبِهِ قُتِلْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ شَهِيداً، وَ كُنْتَ أَوْلَى بِالْعُذْرِ عِنْدَ اللَّهِ، لِأَنَّكَ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ تَرَاهُ- يَا جُنْدَبُ- كَانَ يُبَايِعُنِي عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ فَقُلْتُ: أَرْجُو ذَلِكَ.
فَقَالَ: لَكِنِّي لَا أَرْجُو وَ لَا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ اثْنَانِ، وَ سَأُخْبِرُكَ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ، إِنَّمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَى قُرَيْشٍ، وَ إِنَّ قُرَيْشاً تَقُولُ: إِنَّ آلَ مُحَمَّدِ يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ، وَ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ هَذَا الْأَمْرِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ، وَ أَنَّهُمْ إِنْ وَلَّوْهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ هَذَا السُّلْطَانُ إِلَى أَحَدٍ أَبَداً، وَ مَتَى كَانَ فِي غَيْرِهِمْ تَدَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ، وَ لَا وَ اللَّهِ لَا يَدْفَعُ إِلَيْنَا هَذَا السُّلْطَانَ قُرَيْشٌ أَبَداً طَائِعِينَ.
قَالَ: فَقُلْتُ: أَ فَلَا أَرْجِعُ وَ أُخْبِرُ النَّاسَ مَقَالَتَكَ هَذِهِ، وَ أَدْعُوهُمْ إِلَى نَصْرِكَ فَقَالَ:
يَا جُنْدَبُ، لَيْسَ ذَا زَمَانَ ذَلِكَ.
قَالَ جُنْدَبٌ: فَرَجَعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَكُنْتُ كُلَّمَا ذَكَرْتُ مِنْ فَضْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) شَيْئاً زَبَرُونِي وَ نَهَرُونِي حَتَّى رُفِعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَبَعَثَ إِلَيَّ فَحَبَسَنِي حَتَّى كُلِّمَ فِيَّ فَخَلَّى سَبِيلِي.
416- 8- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ