خَلْقٍ عَلِيمٌ[1] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
23- 23- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ قَدْ صَلَّيْنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِي حَتَّى خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ، فَمَشَى حَتَّى خَرَجَ إِلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ وَ لَا يُكَلِّمُنِي بِكَلِمَةٍ، فَلَمَّا أَصْحَرَ[2] تَنَفَّسَ، ثُمَّ قَالَ:
يَا كُمَيْلُ، إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ:
عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ.
يَا كُمَيْلُ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَ الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ.
يَا كُمَيْلُ، صُحْبَةُ الْعَالِمِ دِينٌ يُدَانُ اللَّهُ بِهِ، تُكْسِبُهُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ، وَ جَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
يَا كُمَيْلُ، مَنْفَعَةُ الْمَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ. يَا كُمَيْلُ، مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَ أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ، هَاهْ هَاهْ إِنَّ هَاهُنَا- وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ- لَعِلْماً جَمّاً لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً، بَلَى أَصَبْتُ لَهُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ، يَسْتَعْمِلُ آلَةَ الدِّينِ فِي الدُّنْيَا، وَ يَسْتَظْهِرُ بِحُجَجِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَ بِنِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ، لِيَتَّخِذَهُ الضُّعَفَاءُ وَلِيجَةً دُونَ وَلِيِّ الْحَقِّ، أَوْ مُنْقَاداً لِلْحِكْمَةِ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ، يَقْدَحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ لِشُبْهَةٍ، أَلَا لَا ذَا وَ لَا ذَاكَ، أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّاتِ، سَلِسَ الْقِيَادِ بِالشَّهَوَاتِ، أَوْ مُغْرًى بِالْجَمْعِ وَ الِادِّخَارِ، لَيْسَ مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ، أَقْرَبُ شَبَهاً بِهَؤُلَاءِ
[1] سورة يس 36: 78 و 79.
[2] أي برز في الصحراء.