الْمُؤْوِي لِطَرِيدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لَكِنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَهُ الْأُمَرَاءَ، وَ بَايَعَكُمْ عَلَى ذَلِكَ الْأَعْدَاءُ وَ أَبْنَاءُ الْأَعْدَاءِ.
قَالَ: فَحَمَلْنَاهُ، فَأَتَيْنَا بِهِ قَبْرَ أُمِّهِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَدَفَنَّاهُ إِلَى جَنْبِهَا (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَرْضَاهُ).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَ كُنْتُ أَوَّلَ مَنِ انْصَرَفَ فَسَمِعْتُ اللَّغْطَ وَ خِفْتُ أَنْ يُعَجِّلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى مَنْ قَدْ أَقْبَلَ، وَ رَأَيْتُ شَخْصاً عَلِمْتُ الشَّرَّ فِيهِ، فَأَقْبَلْتُ مُبَادِراً فَإِذَا أَنَا بِعَائِشَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِباً عَلَى بَغْلٍ مُرَحَّلٍ تَقْدُمُهُمْ وَ تَأْمُرُهُمْ بِالْقِتَالِ، فَلَمَّا رَأَتْنِي قَالَتْ: إِلَيَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَقَدْ اجْتَرَأْتُمْ عَلَيَّ فِي الدُّنْيَا تُؤْذُونَنِي مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، تُرِيدُونَ أَنْ تُدْخِلُوا بَيْتِي مَنْ لَا أَهْوَى وَ لَا أُحِبُّ.
فَقُلْتُ: وَا سَوْأَتَاهْ! يَوْمٌ عَلَى بَغْلٍ، وَ يَوْمٌ عَلَى جَمَلٍ، تُرِيدِينَ أَنْ تُطْفِئِي نُورَ اللَّهِ، وَ تُقَاتِلِي أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، وَ تَحُولِي بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بَيْنَ حَبِيبِهِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ، ارْجِعِي فَقَدْ كَفَى اللَّهُ (تَعَالَى) الْمَئُونَةَ، وَ دُفِنَ الْحَسَنُ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ، فَلَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ (تَعَالَى) إِلَّا قُرْباً، وَ مَا ازْدَدْتُمْ مِنْهُ وَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً، يَا سَوْأَتَاهْ! انْصَرِفِي فَقَدْ رَأَيْتِ مَا سَرَّكِ.
قَالَ: فَقَطَبَتْ فِي وَجْهِي، وَ نَادَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا: أَ مَا نَسِيتُمُ الْجَمَلَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّكُمْ لَذَوُو أَحْقَادٍ. فَقُلْتُ: أَمَا وَ اللَّهِ مَا نَسِيَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، فَكَيْفَ يَنْسَاهُ أَهْلُ الْأَرْضِ! فَانْصَرَفَتْ وَ هِيَ تَقُولُ:
فَأَلْقَتْ عَصَاها فَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى
كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ
.
268- 20- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) إِذْ جَاءَ شَيْخٌ قَدِ انْحَنَى مِنَ الْكِبَرِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، يَا شَيْخُ ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا مِنْهُ فَقَبَّلَ يَدَهُ فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامَ): وَ مَا يُبْكِيكَ يَا شَيْخُ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَنَا مُقِيمٌ عَلَى رَجَاءٍ مِنْكُمْ مُنْذُ نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، أَقُولُ