سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي فِي أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ إِذَا هُوَ بِأَصْوَاتٍ فِي بَيْتٍ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا هُمْ عَلَى شَرَابٍ، فَقَالُوا لَهُ حِينَ رَأَوْهُ: مَا هَذَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَ لَيْسَ اللَّهُ (تَعَالَى) يَقُولُ: «وَ لا تَجَسَّسُوا»[1]. قَالَ: فَأَعْرَضَ عُمَرُ عَنْهُمْ وَ انْصَرَفَ مُبَادِراً.
206- 19- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْحِيُّ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَعْبَ بْنَ سُورٍ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، وَ كَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ عُمَرَ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ زَوْجِي صَوَّامٌ قَوَّامٌ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ صَالِحٌ، لَيْتَنِي كُنْتُ كَذَا، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَقَالَ عُمَرُ كَمَا قَالَ.
فَقَالَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ الْأَزْدِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهَا تَشْكُو زَوْجَهَا، تُخْبِرُ أَنَّهَا لَا حَظَّ لَهَا مِنْهُ. قَالَ: عَلَيَّ بِزَوْجِهَا، فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا بَالُهَا تَشْكُوكَ، وَ مَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ شَكْوَى مِنْهَا قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي امْرُؤٌ أَفْزَعَنِي مَا قَدْ نَزَلَ فِي الْحِجْرِ وَ النَّحْلِ وَ فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ.
فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ: إِنَّ لَهَا عَلَيْكَ حَقّاً، فَابْعُلْ وَ أَوْفِهَا الْحَقَّ، فَصُمْ ثُمَّ وَ صَلِّ. فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا.
قَالَ: نَعَمْ، أَحَلَّ اللَّهُ لِلرِّجَالِ أَرْبَعاً، فَأَوْجَبَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً، فَلَهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ لَيْلَةٌ، وَ يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ فِي الثَّلَاثَةِ مَا شَاءَ، فَأَلْزِمْهُ ذَلِكَ. وَ قَالَ لِكَعْبٍ: اخْرُجْ قَاضِياً عَلَى الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ خَرَجَ مَعَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ فِي عُنُقِهِ مُصْحَفٌ، فَقُتِلَ هُوَ يَوْمَئِذٍ وَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لَهُ أَوْ أَرْبَعَةٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُمْ فَوَجَدَتْهُمْ فِي الْقَتْلَى فَحَمَلَتْهُمْ، وَ جَعَلَتْ تَقُولُ:
أَيَا عَيْنُ ابْكِي بِدَمْعٍ سَرِبٍ
عَلَى فِتْيَةٍ مِنْ خِيَارِ الْعَرَبِ
[1] سورة الحجرات 49: 12.