كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها»[1]، «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»[2]. قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَشَايِخِ فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَ كَانَ ذَلِكَ آخِرَ عَهْدِنَا بِهِ، وَ لَا نَدْرِي مَا كَانَتْ حَالُهُ.
166- 20- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهُرْمُزْدَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: لَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَصَّتْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ يَكْتُمَ أَمْرَهَا، وَ يُخْفِيَ خَبَرَهَا، وَ لَا يُؤْذِنَ أَحَداً بِمَرَضِهَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَ كَانَ يُمَرِّضُهَا بِنَفْسِهِ، وَ تُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ (رَحِمَهَا اللَّهُ) عَلَى اسْتِمْرَارٍ بِذَلِكَ، كَمَا وَصَّتْ بِهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ وَصَّتْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهَا وَ يَدْفِنَهَا لَيْلًا وَ يُعَفِّيَ قَبْرَهَا، فَتَوَلَّى ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامَ) وَ دَفَنَهَا وَ عَفَّى مَوْضِعَ قَبْرِهَا، فَلَمَّا نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ هَاجَ بِهِ الْحُزْنُ، وَ أَرْسَلَ دُمُوعَهُ عَلَى خَدَّيْهِ، وَ حَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَنِّي وَ عَنِ ابْنَتِكَ وَ حَبِيبَتِكَ، وَ قُرَّةِ عَيْنِكَ وَ زَائِرَتِكَ، وَ الثَّابِتَةِ فِي الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ، الْمُخْتَارِ اللَّهُ لَهَا سُرْعَةَ اللِّحَاقِ بِكَ، قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي، وَ ضَعُفَ عَنْ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ تَجَلُّدِي، إِلَّا أَنَّ فِي التَّأَسِّي لِي بِسُنَّتِكَ وَ الْحُزْنِ الَّذِي حَلَّ بِي لِفِرَاقِكَ لَمَوْضِعَ التَّعَزِّي، وَ لَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودِ قَبْرِكَ بَعْدَ أَنْ فَاضَتْ نَفْسُكَ عَلَى صَدْرِي، وَ غَمَضْتُكَ بِيَدِي، وَ تَوَلَّيْتُ أَمْرَكَ بِنَفْسِي، نَعَمْ وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نِعْمَ الْقَبُولُ، وَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
قَدِ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ، وَ أُخِذَتِ الرَّهِينَةُ، وَ اخْتُلِسَتِ الزَّهْرَاءُ، فَمَا أَقْبَحَ الْخَضْرَاءَ وَ الْغَبْرَاءَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ، وَ أَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ، لَا يَبْرَحْ الْحُزْنُ
[1] سورة الكهف 18: 49.
[2] سورة الشعراء 26: 227.