فهذه قاعدة فقهية
كأي حكم كلّي فقهي تحريمي آخر ، وإن كان مفادها نفي الأحكام الضررية كما هو كذلك
في ( لا حرج ) فهذا مضمون ومفاد اخباري بحسب الحقيقة مرجعه إلى أخذ قيد وشرط في
الأحكام الشرعية الالزامية ، نظير قيد البلوغ والقدرة وعدم الاضطرار أو الاكراه أو
التقية ، فكما يشترط البلوغ والقدرة وعدم الاضطرار والاكراه في كل تكليف كذلك
يشترط عدم لزوم الحرج أو الضرر منه ـ عدا ما خرج بالتخصيص ـ فليس هذا المفاد لا
حكماً واقعياً آخر غير تلك الأحكام ولا حكماً ظاهرياً أو قاعدة لفظية أو عقلية
تكشف عن حكم شرعي آخر ، فحالها حال سائر أدلّة القيود العامة كدليل رفع القلم عن
الصبي حتى يحتلم ، أو المجنون حتى يفيق ، أو رفع الاضطرار والاكراه وما لا يطيقون
وأمثال ذلك ، فكما لا تكون أدلّة تلك القيود العامة قواعد اصولية بل وليست قاعدة
ثبوتاً وإنّما القاعدة نفس الأحكام الشرعية الكلية المقيّدة بقيودها العامة
والخاصة ، فكذلك قاعدة ( لا ضرر ) و ( لا حرج ).
ومنه يظهر اندفاع
النقض بقاعدة البراءة الشرعية ، فإنّها حكم ظاهري وحداني مجعول شرعاً ، وهو غير
التكليف الواقعي المشكوك الذي يرفعه تنجيزاً وتعذيراً ، وهذا واضح جدّاً.
ويمكن ارجاع جواب
السيد الشهيد هنا إلى جوابين :
أحدهما : أنّ ( لا حرج ) و ( لا ضرر ) ليست قاعدة ؛ لأنّها لا
وحدة ثبوتية لها ، وإنّما لها وحدة اثباتية ، أي في مقام التعبير والابراز ، أبرزت
قيد التكاليف والأحكام المتعددة بمبرز واحد ، وهذه ليست قاعدة.
والثاني : انّه لو فرض وجود وحدة ثبوتية ولو بلحاظ ملاك النفي
وكفاية ذلك