اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 49
بمعنى أنّ الممتثل
للسمعي أقرب من العقلي ، وغيره أبعد ، ولا نعني بذلك أنّ اللطف في العقلي منحصر في
السمعيّات ؛ فإنّ النبوّة والإمامة ووجود العلماء والوعد والوعيد بل جميع الآلام
يصلح للألطاف في العقليّات أيضا ، وإنّما هو نوع من الألطاف الواجبة يكاد أن يكون
ملاكها ؛ فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام والعالم إنّما يدعون إليه ، والوعد والوعيد إنّما
يتوجّهان عليه.
فإن
قلت : فإذن يقوم غيره
من الألطاف مقامه ، فلا يجب.
قلت
: ظهر ممّا بيّنّاه
أنّ جميع الألطاف متعلّقة به ومردّها إليه ، فيمتنع قيام غيره مقامه. ومن هنا يعلم
السرّ في الواجب والمستحبّ المخيّرين ؛ فإنّه لمّا كان المقصود اللطف ، وهو حاصل
في كلّ من الخصال بلا مزية لإحداهما على الأخرى ، لم يكن لإيجاب الجميع معنى ، ولا
لترك إيجاب شيء سبيل ، فتعيّن التكليف على طريق التخيير.
[
المذهب ] الثاني : مذهب أبي القاسم الكعبي ، وهو أنّه الشكر لنعم الله سبحانه [١]. ولا نعني به
انحصار طريق الشكر فيه ، بل على معنى أنّه نوع من الشكر ، بل أشرف أنواعه ؛ فإنّ
الشّكر يطلق على الاعتقاد المتعلّق بأنّ جميع النعم من الله سبحانه كلّيّاتها
وجزئيّاتها. ويلزمه أمور ثلاثة :
[
اللازم ] الأوّل : شغل النفس بالفكر في عظمته ، والتصوّر لجلائل نعمته ، والعزم والانبعاث
الدائم إلى طاعته ، وابتغاء مرضاته ، وصيانة السرّ عن الاشتغال بتصوّر غيره فضلا
عن التصديق به إلاّ من جهة أنّه منسوب إليه وفائض عنه.
وهنالك يستوعب
جلال الله سبحانه الفكر بحيث يصير مقصورا عليه ليس إلاّ ، ويصير همّ العاقل شيئا
واحدا ، وغايته ذلك الشيء ، فينظر فيه ، وبه ، ومنه ، وإليه ، وعليه ، ويحذف غيره
من درجات الاعتبار حتّى الجنّة والنار.
ومن هنا قال
العالم الربّاني القدسي عليّ أمير المؤمنين وارث النبيّ عليهما أفضل