اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 259
لطيفة :
هذه الأصول منها
ما هو أصل لسائر الأصول أيضا ، فإنّ الوجود أصل للحياة ، فإنّها لمّا كانت عرضا
يفتقر إلى محلّ موجود ؛ لامتناع قيام الموجود بالمعدوم ، ووجوده سابق لوجودها ؛
لوجوب سبق المحلّ على الحالّ فيه ، فتبيّن أنّ الوجود أصل لها ، هذا.
والحياة أصل
للخمسة الباقية ؛ ضرورة كونها من الأعراض المشترطة بالحياة ، والإدراك أصل للشهوة
والنفرة ؛ لأنّه ما لم يدرك الحيوان الملائم والمنافي ـ ولو بوجه ما ـ لم يشته
الأوّل وينفر عن الثاني.
تنبيه :
الإيجاد الذي هو
أحد الأصول المراد به الوجود ، إطلاقا لاسم السبب على المسبّب ؛ لأنّ الإيجاد هو
نفس تأثير المؤثّر المتقدّم على الوجود بالعلّيّة ، والشيء قبل وجوده لا يكون
منعما عليه ؛ لامتناع تعلّق النعمة بالمعدوم ؛ لأنّها المنفعة الواصلة إلى الغير
على وجه الإحسان إليه ، ولا تصل إلى معدوم منفعة بالضرورة.
قوله : ( ثمّ خلق فروعها المشتهيات والملذّات ، حتّى أنّه ليس
نفس يمضي إلاّ وفيه لله نعمة يجب شكرها ).
أقول : إنّما أتى المصنّف رحمهالله بذكر النفس ـ وإن كان سائر نعم الله سبحانه مترادفا ـ لاشتهاره
وتتاليه وسرعة مجيئه وذهابه.
إن
قلت : فهلاّ ذكر «
الآن » الذي هو أقصر من زمان النفس المذكور.
قلت : « الآن » غير متصوّر لكثر من الناس ، على أنّه مفهوم من
النفس المذكور ، فإنّه لمروره على المسافة دائما أو أكثريّا طابق جزؤه جزء الزمان
الذي هو الآن.
وقوله : ( يمضي )
يحتمل أن يكون بمعنى مضى ؛ إذ النفس المستقبل لا يعدّ نعمة ، والمستقبل يأتي بمعنى
الماضي ، وشاهده قوله تعالى : ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ
أَنْبِياءَ اللهِ )[١]. أي قتلتم.