responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول    الجزء : 1  صفحة : 176

قال : ( وأمّا الشكر ؛ فلأنّه لغة طمأنينة النفس على تعظيم المنعم ، كما نقله بعض المتكلّمين ، أو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف كما ذكره اللغوي. وعرفا الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم ؛ لدوران الشكر معه وجودا وعدما. وظاهر مغايرة العبادة للمعنيين ؛ ولأنّ مجرّد الاعتراف القلبي كاف في معرفته سبحانه شكر العبد ، وإنّما احتيج إلى اللسان لإشعار المشكور ، فلا معنى لوجوب الزائد على الاعتراف ؛ ولأنّ الشكر يمتنع الخلوّ من وجوبه بخلاف العبادة ، فإنّها قد يقبح واجبها كصلاة الحائض ، ويجب قبيحها كأكل الميتة ؛ ومن ثمّ تطرّق النسخ إلى السمعيّات ، ولقبح الإلزام بشكر النعمة شاهدا فكذا غائبا ).

أقول : هذا إبطالهم للمذهب الثاني وهو الشكر ، وقد ذكروا لإبطاله أمورا أربعة :

الأوّل : العبادة لا تدخل في تعريف الشكر ؛ لما عرفت من تعريفه لغة وعرفا ، وما لا يدخل في تعريف الشكر فليس بشكر ، فالعبادة ليست شكرا. وهذا شكل من سالبتين ـ كما تراه ـ وقد قرّر في الميزان أنّه لا يتركّب منهما قياس.

نعم قد يقال : إنّهما موجبتان ؛ لأنّ الاعتبار بإيجابهما أنواع النسبة فيهما ، وبسلبهما نزعها عنهما لا بصورتهما.

الثاني : أنّ مجرّد الاعتراف القلبي كاف في أن يعلم الله من العبد شكره لعلمه بما في الصدور. ولمّا كان اللسان لإشعار المشكور خلا عن الفائدة في هذا الموضع.

الثالث : أنّ الشكر يمتنع الخلوّ من وجوبه ، والعبادة لا يمتنع الخلوّ من وجوبها. ينتج من الشكل الثاني الشكر ليس عبادة ، فإذا انعكست حصل منها ، العبادة ليست شكرا ؛ لأنّ سلب الشيء عن آخر يلزم منه سلب الآخر عنه ، ثمّ نبيّن الكبرى ممّا هو أبلغ من الدعوى ؛ فإنّ الخلوّ من الشيء لا يلزم الإتيان بضدّه ، وقد أتى بالضدّ في صلاة الحائض المنتقلة من الوجوب إلى التحريم ، وأكل الميتة المنقلب من التحريم إلى الوجوب.

اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست