اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 156
مقام المبدل بلا
ضرورة ، فلا سبيل إلى تعيين المبدل ، كخصال بعض الكفّارات لمّا قام بعضها مقام بعض
لم يجب الجميع ، ولم يسقط الجميع ؛ إذ لو وجب الجميع لزم العبث في الزائد ، ولو
سقط الجميع خرج الواجب عن وجوبه.
إن قلت : فعلى هذا
ينتفي الترتيب من بعض الكفّارات ، فإنّ كفّارة رمضان خصالها خصال كفّارة الظهار ،
مع تخيير الأولى وترتيب الثانية ، فإن دلّت الرمضانيّة على تساوي الخصال الموجب
للتخيير ، دلّت الظهاريّة على عدمه الموجب للترتيب ، فيكون الشيء الواحد مساويا
لغيره ومخالفا له ، وهو جمع بين المتنافيين.
قلت : التساوي
والاختلاف هنا ليسا ذاتيّين حتّى يكون جمعهما جمعا للمتناقضين ، بل من أحكام عارضة
مستندة إلى اختيار الموجب ، فجاز أن يختار في أحد الموضعين الترتيب ، لعلمه بأنّه
أثقل فيه فيكون أردع عنه ، مع أنّه يجوز أن يكون شيء مساويا لشيء من وجه ومخالفا
له من آخر ، كجزء العلم المتعلّق بما تعلّق به العلم على ما قيل في موضعه ؛ فإنّ
جزء العلم خالف جملته في الذات وساواها في التعلّق ، وهنا جاز أن يعلم للحكم أنّ
الخصلة المتأخّرة في المرتبة لا تقوم في المصلحة مقام المتقدّمة إلاّ مع العجز
عنها ، ويعلم في المخيّرة قيامها في المصلحة مقامها ، وإن كانت الأخرى مقدورة ،
وليس للحصر اعتراض على التمام كما جرى لموسى عليهالسلام مع الخضر عليهالسلام حيث قبح في معرفته ما حسن للآخر في حكمته [١].
قال : ( [ المذهب ] الثاني : مذهب أبي القاسم الكعبي ، وهو
أنّه الشكر لنعم الله سبحانه. ولا نعني به انحصار طريق الشكر فيه ، بل على معنى
أنّه نوع من الشكر ، بل أشرف أنواعه ؛ فإنّ الشكر يطلق على الاعتقاد المتعلّق بأنّ
جميع النعم من الله سبحانه كلّيّاتها وجزئيّاتها ).
أقول : هذا هو المذهب الثاني من الأربعة ، وهو أنّ الوجه في
التكليف السمعي هو الشكر لنعم الله ، ومحالّ الشكر ثلاثة : الاعتراف الجناني ،
والنطق اللساني ، والعمل