اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 150
الاكتفاء ( يا
أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ )[١] أي كافيك.
الثالث
: كمّيّته ، ونعني
بها أنّ العلم يكثر بكثرة النظر ويقلّ بقلّته ، كالألم يكثر بكثرة الضرب ويقلّ
بقلّته ، فعلم بالاستقراء تولّده له ، وهو أيضا دالّ على الالتزام.
الرابع
: أنّ العلم
النظري لا يحصل لمن ترك النظر ، ويحصل لمن نظر.
وفيه دلالة. على
سببيّته ، ولو انتفت السببيّة لجاز العكس ، والبديهة تأباه ، وهذه الأدلّة علمت
صحّتها بالاستقراء التامّ ، وهو حجّة.
فإنّ قيل : يجوز
حصول العلم برياضة وشبهها ، فلا يكون الاستقراء تامّا فلا يكون حجّة.
قيل في الجواب :
إنّ الحاصل بما ذكرت ليس علما نظريّا ، والكلام فيه ليس إلاّ ، وسيأتي نفي غيره من
الطرق.
قال : ( وأمّا انتفاء غيره من الطرق ؛ فلأنّ المعرفة ليست شيئا
من أقسام الضروري ، وما ليس بضروري نظري قطعا. وأمّا الثالث فقد مرّ.
ومن زعم حصول
المعرفة بغير نظر فهو كمن رام بناء من غير آلات ، وكتابة من دون أدوات ).
أقول : المعارف منحصرة في الضروري والنظري ؛ لأنّها إن افتقرت
إلى طلب فنظري ، وإلاّ فضروري. فكلّ علم أخرج من أحد القسمين دخل في الآخر ؛ للحصر
المذكور ؛ فلهذا قال : قطعا.
والثالث : الذي مرّ ، هو وجوب ما لا يتمّ الواجب بدونه. ثمّ استظهر
المصنّف على نفي غيره من الطرق بأن قال : من زعم حصول معرفة بغير نظر فهو كمن رام
بناء من غير آلات ، وكتابة من دون أدوات ، فكما أنّه يستحيل بناء بغير أحجار
وأخشاب ، وكتاب من غير كواغذ وأقلام ، ونحو ذلك من الصنائع ، فكذا يستحيل