اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 139
أقول : القرب من الطاعة العقليّة والبعد من المعصية هما القرب
إلى الله سبحانه ، فتندرج هذه في الغايات الأولى ، لكن اعتبر في القرب إلى الله
واسطة هي القرب من طاعته ، وأسقطها هناك ، وهذا القرب هو المعبّر عنه باللطف ؛
لأنّهم أطلقوه على كلّ ما قرّب من طاعة أو بعّد من معصية.
قوله : وهذه
الغاية : يعني القرب من العقليّات. حاصلة بامتثال السمعيّات :
يعني بفعل
السمعيّات.
وقوله : لا العقليّات : يعني أنّ الواجبات العقليّة ليست غاية في نفسها ؛ لأنّ
الشيء موقوف على غايته التي هي الغرض في الأمر به ، فلو كان شيئا غاية لنفسه
لتوقّف على نفسه ، وهو محال.
وأقول : يمكن أن يكون العقليّ غاية في عقليّ آخر ؛ فإنّ العقل قد
يقتضي بشيء يقرب إلى عقلي آخر ، كما أنّ السمعيّ كذلك ، فإنّه يقضي بالقدرة والعلم
لله سبحانه ، ولزمهما الوجود والحياة ، فقد قربا إلى ذلك واستلزماه ، وهذا النوع
كثير.
قال : ( الرابعة : الفوز بتعظيم المكلّف سبحانه ، والثناء عليه
، والاعتراف بنعمه ، وهو المعبّر عنه بالشكر. وهاتان الغايتان تصلحان لما عدا
المباح ).
أقول : معنى الفوز قد عرفته في صدر الكتاب.
والتعظيم هنا إشارة إلى كبر الباري سبحانه في نفس عبده ، والخضوع له
في تصرّفاته وأحواله ، والثناء عليه بجميل أفعاله ، والاعتراف له بجزيل نواله.
وهذه الأمور تحصل
بملازمة التكليف ، وقد أشار في ذلك إلى محالّه الثلاثة ، فإلى خضوع الأركان
بالتعظيم ، وإلى اللسان بالذكر الجسيم ، وإلى القلب بالاعتراف بالنعيم ، وهذه
الغاية عبّروا عنها بالشكر. وفيها أيضا نوع رجوع إلى اللطف ؛ فإنّ الامتثال لمّا
استلزمها كان لطفا لها.
وقوله : وهاتان الغايتان
تصلحان لما عدا المباح. يعني بهما غايتي القرب والفوز ، وهما الثالثة والرابعة ، والمباح لمّا خلا
عن الرجحان والمرجوحيّة لم يصلح شيء منهما غاية له.
اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 139