اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 110
على الجملة من
أحكام الأفعال وغنائه من وجوب وجوده مطلقا قطعا ؛ للدور والتسلسل لو كان ممكنا ).
أقول : أمّا وجوبه على الله تعالى ؛ فلأنّه لولاه لزم الإغراء
بالقبيح ، حيث خلق العبيد والإماء وجمع بينهم في البسيطة وجعلهم ذوي شهوات ، فلو
لم يرسل إليهم ما يمنعهم عن فعل مقتضياتها بل أهملهم كان مغريا لهم بالقبيح ، وهو
قبيح لازم عن ترك التكليف ، فيجب فعله في حكمته ، لا أنّ فوقه آمر أوجبه عليه ،
كما غالط به من لا تحصيل له. وذلك مبنيّ على تحسين العقل وتقبيحه ، إذ لولاه لجاز
الإخلال بالتكليف ، فإذا قيل : هو قبيح ، قال الشارع الذي قبّح الأشياء : إنّي لم
أجعل ذلك قبيحا.
أمّا في بيان
بطلان شرعيّتهما بعد العلم الضروري بذلك ، فله وجوه : أمتنها لزوم الدور المضمر ؛
لتوقّف صدق الرسول على المعجز الموقوف على قبح إظهاره على كذّاب ، الموقوف ذلك
القبح على صدقه ، فيلزم الدور وهو خلف فيثبت نقيضه ، وهو حكم العقل بهما ، وهو
المطلوب ، وسيأتي في ذلك مزيد كلام إن شاء الله.
وأمّا أنّه تعالى
منزّه عن الفعل والترك للقبيح والواجب فلعلمه بقبحه ؛ لعموم علمه لاستواء نسبة
ذاته ونسبة ما عداه في صحّة معلوميّته المستفاد مطلقه من أحكام فعله.
قوله : وغناه ، أي
منزّه عن القبيح لعلمه بقبحه ، ولغناه المستفاد من وجوبه ؛ للزوم الدور والتسلسل
من إمكانه.
وقوله : مطلقا. يمكن عوده إلى وجوبه ، أي وجوبه مطلقا لا يتّصف بزوال في
وقت أو في حال ، ويمكن عوده إلى غنائه يعني في ذاته وصفاته ، والحمل عليهما صالح
في الاستخدام.
وقد استخدم
المصنّف ـ والله أعلم ـ في قوله أوّلا : غنائه فإنّها تعطف على علمه ، أي لعلمه
ولغنائه كما ذكرناه ، وتعطف على قبحه أي لعلمه بقبحه ، وتكون دلالة اللفظ على
الغنى التزاميّة.
والموجب لما قلناه
أنّ نفي القبيح موقوف على ثلاثة أشياء : العلم بقبحه ، والغنى
اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 110