اسم الکتاب : أربع رسائل كلاميّة المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 1 صفحة : 109
للعاصي ، المستلزم
لإقامة العدل ونظام النوع مع زيادة الأجر الجزيل والثواب العظيم ).
أقول : الإنذار :
هو التخويف ، واستعمال الوعد هنا مجاز ؛ لوقوعه في صحّة الوعيد ، وهو فنّ من
البديع ، ومنه ( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ )[١] ، ( فَمَنِ
اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ )[٢].
هذا إن جعلنا
الوعد متعلّقا بالإنذار ، وإن جعلناه كلاما معترضا جرى على حقيقته فالإنذار هو
بالوعد والوعيد المذكورين ، إلاّ أنّ ذلك تفصيل الإجمال ، وتذكّر ذلك يوجب
الاستقامة على الطريق الموجبة لبقاء النوع المطلوب للخالق سبحانه.
وقوله : مع زيادة
الأجر العظيم والثواب الجزيل ، متعلّق بـ « يحصل » ، أي يحصل من التكرار الموجب
للتذكار بالعبادات تلك الغايات ، ويحصل معها الأجر العظيم والثواب الجزيل ، وهما
مترادفان.
واعلم أنّ حصول ما
ذكر معلوم في كلّ من لازم الشرعيّات واجتنب المنهيّات ، وأنّ أجلّ العبادات ما كان
مشفوعا بالتذكّر المناسب ؛ لأنّ فائدتها تذكّر المعبود الحقّ والمجرّد من الملائكة
، وذلك لا يتهيّأ إلاّ بالفكر ، فوجب كونها مشفوعة به ، وقد يكون لها معينات
خارجيّة كالوعظ من التقيّ المعتقد فيه ، والألحان البريئة عن مخالطة الأنذال
وملاقاة الأرذال ، وكلّ ذلك ممّا يؤيّد القول باللّطف.
قال : ( وإمّا في وجوبه ، فهو واجب على الله تعالى ، بناء على
قاعدة الحسن والقبح العقليين ، وعلى أنّه تعالى لا يفعل القبيح ، ولا يخلّ بالواجب
؛ لعلمه بقبحه ، وغنائه عنه ؛ لثبوت علمه بجميع المعلومات ، لاستواء نسبة ذاته ،
وتساوي الجميع في صحّة المعلوميّة ، واستفادة علمه