responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 268

ولو كانت له أذن سامعة لسمعها وهى تناديه: لقد ارتحلوا جميعاً بعد أن توسدوا التراب ولم يبق سوى آثارهم.

ثم قال عليه السلام:

«فكأن ما هو كائن من الدنيا عن قليل لم يكن، وكأن ما هو كائن من الآخرة عما قليل لم يزل».

أي أنّ الدنيا لتمضي بسرعة، والآخرة تأتي بسرعة بحيث يتصور الإنسان أنّه لم تكن هناك من دنيا، والآخرة هى التي كانت موجودة دائماً.

وقد جربنا هذه المسألة في العديد من حوادث الدنيا؛ فقد نمر أحياناً بدار بعض الاشراف وقد كانت داره تغص بالناس والذهاب والاياب، وإذا بها صامتة هادئة وكأن لم تشهد تلك الضجة.

ثم اختتم عليه السلام خطبته بثلاث عبارات غاية في الروعة والدقة، في أنّ ما كان معدوداً (كساعات عمر الإنسان) فهو إلى‌ انقضاء، وما كان منتظرا فهو إلى‌ قدوم ووقوع، وما كان قريباً فهو حاصل:

«وكل معدود منقض، وكل متوقع آت، وكل آت قريب دان».

فالعبارة الاولى‌ إشارة إلى‌ قاعدة كلية فلسفية في محدودية كل ما دخل تحت العدد، وما كان محدوداً فهو إلى‌ انقضاء، ولما كان عمر الإنسان والدنيا برمتها داخل في العدد والارقام، فلابدّ من انتظار انقضائه، والعبارات اللاحقة مكملة لذلك؛ لأنّ ما ننتظره سيأتينا يوماً لا محالة، وما يأتينا ليس ببعيد عنا! وعليه فلا ينبغي الاعتقاد ببعد الموت وخلود الحياة، والعمر ليس بباق. و الواقع هو أن هذه العبارات الثلاث بمنزلة الدليل على العبارات السابقة.

تأمّل: في الاعتبار

مليئة حياة الإنسان في كل عصر ومصر بالدروس والعبر؛ الدروس التي توقظ القلب وترفع الحجب وتفضح ماهية الحياة الدنيا؛ إلّاأنّ الموسف قلة الاعتبار. فالناس عادة ما تمر مرّ الكرام على‌ الحوادث التي من شأنها اثارة الاعتبار لديهم، كما أنّ تكرارها يدعوهم لاهمالها.

العامل الآخر الذي يقف وراء عدم الاعتبار إنّما يكمن في حصر مكاره الدهر في الآخرين،

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 4  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست