كما ذكر سابقاً فانّ الإمام عليه السلام أشار في هذا المقطع من الخطبة إلى
بعض صفات الله وأسمائه الحسنى، وقدر كز على كونه أول وآخر وظاهر وباطن، فحمد الله
وأثنى عليه في أنّه أول الوجود الذي لم يسبقه شيء، والآخر الذين لاشيء بعده:
«الحمد الله الأول فلاشيء قبله،
والآخر فلا شيء بعده».
وهو الظاهر الذي لايوجد أظهر منه، والباطن الذي لايوجد أخفى منه:
«والظاهر فلاشيء فوقه، والباطن فلا
شيء دونه».
فأولية وآخرية الحق سبحانه وتعالى تعني أزلية الذات المطهرة و أبديتها؛ لأن
أوليته لا تعني الابتداء الزماني، حيث لو كان الأمر كذلك لحصر في دائرة الزمان،
كما ليس كذلك من حيث المكان، لأنّه لو كان كذلك لحد بدائرة المكان، بل أوليته تعني
أن ذاته الأزلية القدسية مصدر جميع الوجودات، وقد نشأت منها كافة الموجودات. وهكذا
تكون آخريته منزهة عن الاخروية الزمانية والمكانية، والمراد منها أنّ ذاته سبحانه
أبدية، وبقاء الموجودات متوقف على بقائه، ومن ثم بقائه حين فناء كل شيء: «كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو
الجَلالِ وَالإِكْرامِ»[1].