القسم الثاني
أَيُّهَا الْمَعْدُودُ- كَانَ- عِنْدَنَا مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ، كَيْفَ تُسِيغُ شَرَاباً وَطَعَاماً.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً وَتَشْرَبُ حَرَاماً، وَتَبْتَاعُ الْإِمَاءَ وَتَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ الَّذِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ، وَأَحْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ الْبِلَادَ! فَاتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَى اللَّهِ فِيكَ، وَلَأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلَّا دَخَلَ النَّارَ! وَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَعَلَا مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتَ، مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ، وَلَا ظَفِرَا مِنِّي بِإِرَادَةٍ، حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا، وَأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ لِي، أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي، فَضَحِّ رُوَيْداً، فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى، وَدُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى، وَعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ بِالْحَسْرَةِ، وَيَتَمَنَّى الْمُضَيِّعُ فِيهِ الرَّجْعَةَ «وَلاتَ حِينَ مَناصٍ».
الشرح والتفسير: لا أتسامح في بيت المال حتى مع أولادي
في هذا المقطع من الرسالة يواصل الإمام عليه السلام توبيخه وإعتراضه الشديد لعامله ويقول:
«أَيُّهَا الْمَعْدُودُ- كَانَ- عِنْدَنَا مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ، كَيْفَ تُسِيغُ [1] شَرَاباً وَطَعَاماً.
[1]. «تَسِيغ» من مادة «سَوْغ» على وزن «قوم» بمعنى الهنيىء وتطلق عادة على الأطعمة والأشربة، ولكنّهاتستعمل كناية في أمور أخرى أيضاً.