وهذه إشارة إلى أنّ الوالي أو القائد يجب أن يكون إلى درجة من قوّة الشخصيّة
وبناء الذات لا يغيّره المنصب ولا يضيع نفسه في حال وصوله إلى القدرة ويحمله على
العجب والغرور والأنانيّة، وبالتالي يعيش حالات الاستبداد والتفرعن كما هو الحال
في غالبية زعماء الدنيا وقادتها الماديين، فإنّهم قبل وصولهم إلى مسند القدرة
والسلطة يتحدّثون للناس بكلمات لطيفة ويعيشون حالة البساطة والشعبية، ولكنّهم
عندما يصلون إلى مسند السلطة ينسون كلّ شيء وتبدأ حالات الاستبداد تتضخم لديهم،
ولكنّ أولياءاللَّه والأشخاص الذين يسيرون في خطهم مصونون من هذا الخطر.
وتشير هذه العبارة إلى أنّ الإنسان الجالس في مسند الرئاسة والقدرة ليس فقط
لا ينبغي له الاستبداد والابتعاد عن الناس بل بعكس ذلك يجب عليه كلّما إزدادت نعمة
اللَّه عليه أن يقترب من الناس أكثر فأكثر، ويتواصل معهم من مواقع المحبّة والشفقة
وهم الذين يصفهم الإمام عليه السلام بأنّهم «إخوانه» لأنّ شكر هذه النعمة لا يتيسر
إلّا من هذا الطريق.
وعلى هذا الأساس فالإمام عليه السلام يقرّ لمخاطبيه في البداية بحقّهم في
مطالبة الإمام بأداء حقوقهم، ثمّ يبيّن الإمام في المقطع اللاحق من هذه الرسالة
حقّه عليهم.
وقد ورد في كتاب «غررالحكم» عن أميرالمؤمنين عليه السلام:
[1]. «طَوْل» على وزن «قول» بمعنى
النعمة ومن مادة «طُول» على وزن «نور» ويبيّن إمتداد الشيء، وبما أنّ النعم
الإلهيّة تعتبر إمتداداً وجودياً لواهب النعم، فاطلقت هذه المفردة عليها.
وهذه الكلمة تطلق أحياناً على المقدرة الماليّة أو على كلّ مقدرة، و «اولو
الطول» تعني الأثرياء من الناس.