وفي الحقيقة
أنّ الإمام عليه السلام بذكره لهاتين النقطتين، وهما أنّه راضٍ من جهة عن أعمال
محمّد بن أبي بكر، ومن جهة أخرى أنّه لو عزله عن موقع معين فإنّه سيختار له موقعاً
أفضل، وبذلك رفع أي إلتباس وقلق من واليه على مصر.
وذهب بعض
شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ مراد الإمام عليه السلام من هذه العبارة أنّه سيعطيه
مكاناً أفضل وأيسر مؤنة، وهي ولاية حكومة خراسان أو بلاد فارس أو اليمن، لأنّ جميع
مناطق البلاد الإسلاميّة في ذلك الوقت ما عدا الشام، كانت تحت حكومة الإمام علي
عليه السلام [1].
ثمّ ذكر
الإمام عليه السلام السبب في اختياره لمالك الأشتر والياً على مصر، ليرفع من جهة
الشبهة عن ذهن محمّد بن أبيبكر، ومن جهة أخرى يلفت نظره إلى بعض نقاط الضعف
والقصور في شخصيّته ليتمكن من إصلاحها واستبدالها بنقاط قوّة، يقول:
[1]. انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج
16، ص 144.
[2]. «نَاقِم» المنكر والمعترض، وإذا كان
اعتراضه على مستوى العمل والممارسة فتعني الانتقام من مادة «نَقَمَ» على وزن
«قلم».
[3]. «حِمَام» من مادة «حَمَّ» على وزن «غمّ»
بمعنى الشيء المقدر، وبما أنّ الموت يعدّ تقديراً إلهيّاً على الإنسان فلذلك يطلق
عليه الحمام.
[4]. «أَوْلى» من مادة «ولاية» وتعني الشخص الذي
يكلّف بعمل معين أو يوضع في اختياره شيء، وهنا جاءت بالمعنى الثاني، يعني أنّ
اللَّه تعالى يضع رضاه وجنّته التي تعتبر نتيجة رضا اللَّه تعالى في اختيار مالك
الأشتر.