responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 117

تسوقه إلى العالم المادي وتلك التي تدفعه إلى العالم الملائكي. فهو يتصف بالخلق والطبيعة الحيوانية من جانب ويتحلى بالطبيعة الملكوتية والروحانية من جانب آخر. ولهذا أيضاً فهو يتمتع بقوس صعودي ونزولي تكاملي غاية في العظمة بحيث زود بالملكات والاستعدادات التي تبلغ به في قوس الصعود درجة «أعلى عليين» بينما يهبط في النزول والانحطاط إلى «أسفل السافلين» وليت هناك مثل هذه الميزة في الكائنات سوى للإنسان ولا تمنح سوى للمطهرين من الأفراد فتكسبهم قيمة ومنزلة رفيعة، ولا غرو فقد تماسك وحفظ نفسه مقابل جميع عوامل الانحطاط وعناصر التسافل والانسياق نحو المادة والمادية وقد اجتاز كافة العقبات والمطبات. ولعل الملائكة عجزت عن إدراك ذلك الأمر قبل خلق آدم فظنت التكرار في هذا الخلق دون حصول جديد، فحسبوا أنّ هذه الخلقة تحصيل حاصل من خلال تسبيحهم وتقديسهم. والمهم في الأمر هو أنّ اللَّه سبحانه قد نسب الروح التي نفخها في آدم إليه سبحانه فقال:

«وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» [1]

. ونعرف على نحو البداهة أن ليس للَّه‌من جسم ولا روح، وأنّه يهدف إلى بيان عظمة الأشياء التي يضيفها إلى نفسه من قبيل «بيت اللَّه» و «شهر اللَّه» فالهدف هو أن هذه الروح الآدمية تتمتع بآثار من صفات اللَّه كالعلم والقدرة والخلاقية والابداع. والواقع هو أنّ اللَّه قد نفخ في آدم أشرف وأفضل روح، ولذلك نعت نفسه سبحانه بأحسن الخالقين فقال:

«ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالِقِينَ» [2]

ويالها من مصيبة أليمة ومفجعة أن يحث الإنسان الخطى نحو السقوط بحيث يتحول إلى ما يجعله أسوأ من الانعام‌

«أُولئِك كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ» [3]

في حين يمتلك مثل هذه الاستعدادات والقدرات والإمكانات التي تبلغ به الكمال والمقام الذي ينتظره ويؤهله لأن يتميز على كافة المخلوقات فيرتدي التاج العظيم الذي يكرمه على من سواه‌

«وَلَقَدْ كَرَّمْنا ...».

3- الإنسان، اعجوبة عالم الكون‌

يعتبر الإنسان- في‌الحقيقة- من أعجب ظواهر عالم الوجود، وقد تضمن كلام الإمام عليه السلام‌


[1] سورة الحجر/ 29.

[2] سورة المؤمنون/ 14.

[3] سورة الأعراف/ 179.

اسم الکتاب : نفحات الولاية المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست