responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 92

إنّ هذا الاكتشاف العلمي الكبير أحدث تحولًا واسعاً في مجال البحوث والتجارب العلمية التي أثبتت وحدة العالم أكثر فأكثر.

إنّ هذا المبدأ في مسألة المعاد وبحث تجسّم الأعمال ودفع الإشكالات التي كان الأقدمون يطرحونها حول هذه المسألة كان له أكبر الأثر في ازالة موانع إثبات تجسّم الأعمال.

3- تجسد اخلاق وسجايا الإنسان‌

يستفاد من الروايات الإسلامية إضافة إلى‌ مسألة تجسّم الأعمال أنّ أخلاق الإنسان تتجسّد أيضاً في ذلك اليوم على صورة إنسان.

وعلى هذا الأساس فإنّ الناس يردون المحشر على صور مختلفة بما يتناسب مع أخلاقهم وطباعهم، فالذين لهم قلوب مملوءة بنور الإيمان تظهر وجوههم بيضاء ونورانية منيرة، وبعكس ذلك القلوب المظلمة الذين كانوا يعيشون في ظلمات الكفر فإنّ وجوههم سوف تكون مسووة وكالحة، وقد أشار القرآن الكريم إلى‌ ذلك بالقول: «يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكفُرُونَ* وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ اللَّهِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ».

(آل‌عمران/ 106- 107)

وقال تعالى‌ في موضع آخر فيما يتعلق بعاقبة المذنبين والظلمة: «كَأَنَّمَا اغْشِيَتْ وُجُوهُهُم قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظلِماً». (يونس/ 27)

نعم، إنّ ذلك اليوم هو يوم ظهور وتجسد الأعمال، فتبرز كل الأخلاق والطباع الداخلية والملكات النفسية ويصطبغ جميع جسد الإنسان بلونها الخاص كما قال الشاعر الفارسي:

كُلُّما يستوطنُ القَلبَ، لهُ‌

هيئَةٌ يومَ انبعاث البَشَرِ

والذي كنتَ عليهِ عاكِفاً

فَيهِ تُحُشَرُ يومَ المَحشَرِ

ونقل بعض المفسرين الكبار عند تفسيرهم قوله تعالى‌: «يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً». (النبأ/ 18)

حديثاً عن الرسول صلى الله عليه و آله، وخلاصته:

كان معاذ بن جبل جالساً بالقرب من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في منزل أبي أيوب الأنصاري، فقال: يارسول اللَّه أرأيت قول اللَّه تعالى‌: «يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً»، فقال:

«يامعاذ سألت عن عظيم من الأمر ثم أرسل عينه ثم قال: عشرة أصناف من امّتي يحشرون أشتاتاً قد ميّزهم اللَّه من المسلمين فبعضهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم عمي يترددون وبعضهم صم بكم لايعقلون وبعضهم يمضغون ألسنتهم يسيل القيح من أفواههم لعاباً يتقززهم أهل الجمع، وبعضهم أشد نتناً من الجيف» الحديث، فأمّا الذين على صورة القردة، فالقتات من الناس، وأمّا الذين على صورة الخنازير، فأهل السحت، والعمى، الجائرون في الحكم، والصم البكم، المعجبون بأعمالهم، والذين يمضغون السنتهم العلماء والقضاة الذين خالفت أعمالهم أقوالهم، والذين أشد نتناً من الجيف، الذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق اللَّه تعالى‌ في أموالهم‌ [1].


[1] تفسير مجمع البيان، ج 10، ص 423 ولقد نقل هذا الحديث الكثير من المفسرين مثل أبي الفتوح الرازي في روح الجنان؛ والقرطبي؛ وروح البيان؛ وتفسير الصافي في ذيل الآية مورد البحث.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست