ولقد قال
صاحب كتاب مقاييس اللغة: إنّ المعنى الأصلي ل (عتيد) القوة والضرب، وهذا المعنى
بالنسبة للمعنى السابق كنسبة اللازم إلى الملزوم، على كل حال فهل أنّ كل واحد
من هذين الوصفين مختص بأحد الملكين والآخر بالملك الثاني فيكون الأول مراقباً
والثاني معداً للتدوين والتسجيل أم أنّ كليهما يدلان على هذا المعنى أيكلاهما
يقومان بمراقبة أعمال الإنسان وتسجيل وتثبيت أعماله أيضاً.
يعتقد بعض
المفسرين، أنّ الرقيب هو إسم لملك اليمين (الذي هو مأمور بكتابة أعمال الخير)
والعتيد اسم لملك الشمال (الذي هو مأمور بكتابة أعمال الشر).
ولكن يظهر من
أقوال بعض المفسرين، أنّهم ذكروا كلا الوصفين لكلا الملكين، أيإنّ كل واحد منهما
رقيب وفي عين الحال عتيد أيضاً ولقد نقلت حول هذين الملكين روايات عديدة بالغة
الأهميّة نذكر من جملتها حديثاً عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله:
«صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فاذا عمل حسنة كتبها له اليمين بعشر أمثالها
وإذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين امسك فيمسك عنه سبع
ساعات فإن استغفر اللَّه منها لم يكتب عليه شيء وإن لم يستغفر اللَّه كتب له سيئة
واحدة»[1].
وتحمل مثل
هذه الروايات للإنسان رسالة تربوية واضحة، ونستنتج من خلال هذه الرواية وبعض
الروايات الاخرى أنّ عمل كلٍّ من هذين الملكين منفصل عن الآخر وسوف نفصِّل
الموضوع أكثر في فقرة (التوضيحات).
كُتّاب
صحيفة الأعمال:
لقد ورد في
نفس هذه الآية كلامٌ عن (الكاتبين)
وسعة اطلاعهم ومعلوماتهم: «وَإِنَّ عَلَيْكُم لَحَافِظِينَ*
كِرَاماً كَاتِبِينَ* يَعلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ».
[1]. تفسير مجمع البيان، ج 9، ص 144؛ وكذلك في
تفسير روح المعاني، ج 26 ص 164؛ وكذلك ورد في تفسير المراغي، ج 26، ص 161.