responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 378

وبناءً على‌ ماذكر فإنّ الأنبياء وأولياء اللَّه والشفعاء يستمدون مشروعية شفاعتهم يوم الجزاء من اللَّه تعالى‌، ويشفعون بإذنه، ومن البديهي أنّ إذنه منبثق من حكمته أي‌وفق أسس محسوبة، فإن كان هناك شخص لا يستحق الشفاعة فلا يؤذن بالشفاعة له (احفظوا هذا الكلام جيداً فسيأتي شرحه في الظرف المناسب).

ومن الجدير بالملاحظة أنّ الآية المذكورة (وهي آية الكرسي) قد أكّدت هذه الجملة بعد أن أقرّت مقام القيمومة والمالكية للَّه‌تعالى‌ على‌ كل ما في السموات والأرض، وعلى‌ هذا فانَّ هذه الشفاعة منبثقة من مالكيّته وحاكميته وقيمومته.

وبهذا فهي تبطل معتقدات عبدة الأوثان الذين يتذرّعون بعبادتها بدعوى‌ أنّها تشفع لهم عند اللَّه.

وورد نفس هذا المعنى‌ بصورة اخرى‌ في الآية السادسة؛ إذ قالت: «يَومَئِذٍ لَّاتَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِىَ لَهُ قُولًا».

ولكن مَن المقصود مِن: «مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ»؟ هنالك احتمالان:

الأول: هم الشفعاء بإذن اللَّه، والثاني: هم الذين تشملهم الشفاعة بإذن اللَّه.

إلّا أنّ الاحتمال الأول يبدو هو الأصح لأنّه يتسق ومضمون الآية السابقة (آية الكرسي) فهناك كان الحديث يدور حول الإذن للشفعاء، وتمثل الآية اللاحقة شاهداً آخر على‌ صحّة هذا القول، ولهذا السبب اختار الكثير من المفسّرين هذا المعنى‌.

وينعكس كلا المعنيين في جملة «وَرَضِيَ لَهُ قَولًا»، الأول: إنّها تعود على‌ الشفعاء أي تُقبل شفاعة من رضي اللَّه قوله وشفاعته، وعلى‌ هذا فإنّ الجملتين تؤكّد إحداهما الأخرى‌.

والثاني: إنّ المقصود هو المشفوع له من الذين رضي اللَّه قولهم، وبعبارة اخرى‌ هو الذي كان عمله وكلامه ومعتقده صالحاً وصار موضعاً لرضى‌ اللَّه لكي يُشفع له، ولكن بما الجملة الأولى‌ تقصد الشفعاء، فمن الأنسب أن تكون الجملة الثانية إشارة إلى‌ ذلك أيضاً، لتكون عودة الضمائر على‌ وتيرة واحدة.

وعلى‌ جميع الأحوال تشكّل الآية دليلًا واضحاً على‌ وجود الشفاعة بإذن اللَّه، لفريق من المؤمنين.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست