responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 363

حتى‌ الشرك، وعلى‌ هذا فالمفهوم الوحيد المتبقي لهذه الآية هو أنّها ميّزت بين الشرك وارتكاب الذنوب الكبيرة، فالأول لا يغفر لأنّ وجود الشرك يقضي على‌ جميع مقوّمات العفو، أمّا الثاني فالعفو فيه محتمل ولكن بشروط اشير إليها في جملة «لمن يشاء».

والشاهد الآخر على‌ هذا الادّعاء هو الآيات القرآنية العديدة، ومنها هذه الآية:

«فَسَتَذْكُرُونَ مَااقُولُ لَكُم وَأُفَوِّضُ امرِى إِلَى اللَّهِ انَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ». (المؤمن/ 44) وهذه الآية: «فَمَن يَعمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ». (الزلزال/ 7)

كذلك آيات الشفاعة، لأنّ الصغائر تُمحى‌ في ظل اجتناب الكبائر، والكبائر أيضاً يُعفى‌ عنها بالتوبة، واستناداً إلى‌ ماذُكر، فالشفاعة تختص فقط بمرتكبي الكبائر الذين لم يتوبوا فإن كانوا يستحقّون الشفاعة يُعفى‌ عنهم.

فإن كان الحال كذلك، فكيف نعتبر مرتكبي الكبائر كالكُفّار والمشركين ونقول بخلودهم في النّار؟

كيف يمكن أن تقضي الحكمة الإلهية بتخليد إنسان في النّار قضى‌ عمراً في الإيمان والعمل الصالح لارتكابه ذنباً كبيراً كأن يكون كذب لمرّة واحدة في حياته؟

نحن لا نقول هنا بعدم عقابه بل نرى‌ أنّ عذاب الخلد لا ينطبق على مثل هذا الشخص.

هناك روايات كثيرة وردت عن المعصومين عليهم السلام تنفي قول «الوعيدية» بتخليد مرتكبي الكبيرة في النّار [1].

والحقيقة أنّ هذه الفرقة المتطرفة من الخوارج قد انحدرت في هذا الوادي السحيق بسبب التعصب والعناد وعدم الإلمام بآيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه و آله والمعصومين عليهم السلام، وعدم الأخذ بالأدلّة العقلية البيّنة، والخوارج بشكل عام قد ابتلوا بعواقب جهلهم وتعصبهم، وماضيهم في التاريخ الإسلامي أفضل دليل على‌ ذلك‌ [2].


[1]. للاطلاع على‌ ايضاحات أكثر يمكن مراجعة كتاب بحار الأنوار، ج 8، ص 351- 376، الباب 27؛ وتفسير الكبير، ج 3، ص 144 وما بعدها.

[2]. المصدر السابق.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست