responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 264

من الضروري هنا البحث عن جواب أوسع، فنقول: نعم إنّ التكامل موجود هناك قطعاً ولا يبقى‌ أهل الجنّة يراوحون في أماكنهم، بل هم يقتربون- بفضل اللَّه ولطفه ورحمته- نحو ساحة قدسه يوماً بعد يوم، ويواصلون سيرهم في التقدم صوب القرب إلى‌ اللَّه.

وليس مفهوم هذا الكلام وجود العبادات والطاعات والأعمال هناك، لأنّ الجنّة ليست دار التكليف، فالمقوّمات الأوّلية للتكليف معدومة هناك، بل هم يواصلون مسيرتهم التكاملية في ظل أعمالهم المنجزة في الدنيا، تماماً كالأشجار المثمرة التي يغرسها الإنسان مَرّة واحدة، فتمتد جذورها وتخرج منها فروع وأغصان هنا وهناك حتّى‌ تعم السهول والصحارى‌، أو كسفينة الفضاء التي تحتاج في بداية انطلاقها وخروجها عن مجال جاذبية الأرض إلى‌ طاقة عظيمة، ولكنها بعد الخروج من هذا المجال تواصل حركتها- إذا لم تصطدم بمانع- من غير حاجة إلى‌ أي وقود جديد.

وهناك آيات قرآنية تشير إلى‌ هذه القضية، وتتحدث عن أصحاب الجنّة كما هو في قوله تعالى: «وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكرَةً وَعَشِيّاً». (مريم/ 62)

ويتضح جلياً من خلال الآيات السابقة لهذه الآية أنّ هذا الوصف ينطبق على‌ جنّة الآخرة التي عبّرت عنها بكلمة «جنّات عدن» لا على‌ جنّة البرزخ، وهنا يتبادر سؤال إلى‌ الأذهان وهو إذا كانت الآيات الشريفة تشير إلى‌ أنّ أهل الجنّة لهم فيها ما يشتهون في أي وقت وزمان، فما هي هذه العطايا والفضائل التي تُمنح لهم في كل بكرة وعشيّ؟

من المؤكد أنّها فضائل وأرزاق مادّية ومعنوية تقدّم لهم في هذه الأوقات، إضافة إلى‌ رفعهم نحو درجات أسمى‌ وأعلى‌.

و ورد حديث عن النبي صلى الله عليه و آله يُلقي الضوء على‌ هذا الموضوع يقول فيه: «وتأتيهم طُرف الهدايا من اللَّه تعالى‌ لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلّون فيها في الدنيا، تسلّم عليهم الملائكة» [1]، وهنا يثار سؤال آخر تُفرزه تعابير الآية، فحينما لا وجود لليلٍ ولا نهارٍ في الجنّة فكيف تكون هناك بكرة وعشّياً؟


[1]. تفسير روح المعاني، ج 16، ص 103؛ وتفسير القرطبي، ج 6، ص 4166، ذيل، الآية مورد البحث.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست