responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 214

وما يلفت الانتباه هنا هو أنّ تقديم (إلى ربّها)- وهو ما يفيد الحصر-، يدلّ على‌ أنّهم ينظرون إليه فقط في ذلك اليوم ولا ينظرون إلى‌ سواه، وهم إن نظروا إلى‌ غيره فهي ليست إلّا نظرة عابرة، ومع ذلك فهم يرونه هو وحده لأنّ كل ما في العالم مظاهر لذاته المقدّسة وآثار لطفه ورحمته، وفي الحقيقة أنّ رؤية الأثر هي بمثابة رؤية المؤثر.

وهناك احتمال آخر أيضاً في تفسير هذا المقطع من الآية: «الَى‌ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ» يشير إلى‌ انتظار الناس لرحمة اللَّه ولطفه، كما نقول أحياناً إنّ الشخص الفلاني لا ينظر إِلّا إليك أي أنّه ينظر كرمك وفضلك، أو عندما نقول إننا نعقد الأمل عليك، ولا مانع من اتساع معنى‌ الآية لتشمل كلا المفهومين.

وقد استدل أغلب مفسري أهل السُنّة عند وصولهم إلى‌ هذه الآية ببعض الروايات الضعيفة التي تشير إلى‌ المشاهدة الحسيّة للَّه‌تعالى‌، وقالوا: إنّ أحد نعم أهل يوم القيامة رؤية اللَّه بهذه العين، حتى‌ أنّ بعضهم قال: إنّ اللَّه يظهر في السماء على‌ هيئة النور! وهم ينظرون فوق رؤوسهم ويلتذّون بمشاهدة نور اللَّه بهذه العين المجرّدة.

وقد بحثنا في الجزء الرابع من هذا التفسير وبشكل موسّع في بطلان مثل هذه‌ التصوّرات المليئة بالشرك‌ والتي تهبط في تصوير الإله إلى‌ أنّه جسم محدود بالمكان والاتّجاه، وشرحنا كذلك ضعف هذه الأحاديث، ولا نرى‌ لزوم تكرار ما سبق القول فيه، وإننا نعتبر مثل هذا الخطأ الفاحش ناتجاً عن الابتعاد عن تعاليم أهل البيت عليهم السلام ونسيان حديث الثقلين المتواتر [1].

من البديهي أنّ آثار عظمة اللَّه في ذلك اليوم أوضح بكثير ممّا عليه الحال في الدنيا، وكذلك الحجب المظلمة التي تغطي قلوب المؤمنين في هذا العالم فانّها ستُزاح جانباً حتّى‌ ليمكنهم مشاهدة ذاته المقدّسة من خلال نظرة قلبية وروحية واحدة، بل ويكون الفيض الشهودي أحياناً أعمق، فيغمرهم بجماله فينسون الجنّة والنعم التي هم فيها.

و نختم بحثنا هذا بآية أُخرى‌ تتحدث عن هذا الموضوع بأسلوب آخر، إذ ورد فيها:


[1]. للمزيد من المعلومات، يرجى‌ المراجعة الى ج 4، ص 175- 192 من هذا التفسير.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست