responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 203

3- الأمان بعد الخوف‌

إنّ نعمة الأمن وبغض النظر عن جذورها التي أشرنا إلى‌ بعضها في بحثنا السابق، تُعد من أكبر النعم المعنوية التي يعز على‌ الإنسان فقدانها ولو للحظة واحدة، وهذه الحقيقة يشعر بها الأشخاص في المناطق الصحراوية الموحشة، أو في المناطق الحربية المعرّضة في أي وقت للقصف بالصواريخ والقنابل، فهناك يتكدَّر معين الحياة الصافي وتمضي الساعات والدقائق ثقيلة وعسيرة، والنقطة المقابلة لذلك هي مناطق الأمن والأمان‌ [1].

يَصفُ القرآن المجيد حال المتقين بقوله: «انَّ الْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ امِيْنٍ». (الدخان/ 51) فلا هم يخشون هجوم الشياطين ولا يخافون سلطة الطواغيت ولا هم يتعرضون للآفات والبلايا ولا يعتريهم الحزن والغم!

ولهذا السبب يضيف في مكان آخر: «ادْخُلُوا الجَنَّةَ لَاخَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ».

(الأعراف/ 49)

لقد لاحظنا من خلال التجربة أنّ بعض الناس- ورغم مايتوفر له من متطلبات الحياة ومستلزمات الراحة- يعيش حالة من القلق والاضطراب بسبب الحزن والهم الذي يستحوذ عليه، أو لوجود الخوف والهلع الذي ينتابه فيقض مضجعه فنراه لا يلتفت مطلقاً إلى‌ كل تلك النعم ولا يعير أدنى‌ اهتمام لما بين يديه، ففي مثل هذه الأحوال يمكن لمس حقيقة وعمق التعابير القرآنية بشأن أهل الجنّة.

لابدّ أنّ أهل الجنّة يشعرون حتّى‌ في هذه الدنيا بشي‌ء من ذلك الأمان والسكينة في ظل إيمانهم، وينعمون بالاستقرار حتّى‌ في أشدّ المعضلات من خلال الاعتماد على‌ حقيقة التوكل وروح التسليم والرضا بالإرادة الإلهيّة: «أَلَا انَّ اوْلِيَاءَ اللَّهِ لَاخَوفٌ عَلَيْهِم وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» ... «لَهُمُ البُشرَى‌ فِى الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِى الْآخِرَةِ». (يونس/ 62- 64)


[1]. كلمة «آمنين» الواردة في الآية 55 من سورة الدخان؛ والآية 46 من سورة الحجر بشأن أهل الجنّة، وكذلك كلمة «آمنون» في الآية 37 من سورة النبأ حيث تقول: «وهم في الغرفات آمنون» هاتان الكلمتان تشيران إلى‌ نفس هذا المعنى‌.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 6  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست