الخوف من اللَّه تبارك وتعالى يعني الخوف من عدالته وحسابه وكتابه وعقابه درع
حصين أمام الذنوب والمعاصي وعامل فعال في مواجهة الظلم والفساد والعصيان ولهذا
السبب يعتبر الخوف مفتاحاً من مفاتيح الجنّة كما قال تعالى: «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ». (الرحمن/ 46)
ولقد ذكر المفسرون في تفسير (مقام ربّه) احتمالين:
الأول: الاحاطة العلمية للرب تعالى بجميع أعمال
الإنسان ونواياه.
الثاني: مقامه بين يدي ربّه للحساب (حيث يوجد مقدَّر
في هذه الصورة والتقدير هو:
ومهما كان التفسير فإنّ الخوف من اللَّه هو الوازع من كل معصية وخطيئة كما ورد
ذلك في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «من علم أنّ اللَّه يراه ويسمع ما يقول من خير أو من شر فيحجزه ذلك عن القبيح
من الأعمال فله جنتان»[2].
ولقد قيل في تفسير (جنتان) آراء عديدة:
1- المقصود الجنّة (المادية) و (المعنوية) كما ورد ذلك في قوله تعالى: «جَنَّاتٌ تَجرِى مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ... وَرِضوانٌ
مِّنَ اللَّهِ»، فالاولى هي البساتين التي تجري من تحتها
الأنهار والثانية رضا المعبود والمحبوب الحقيقي أي اللَّه تعالى.
2- وقيل الجنّة الاولى للإيمان والثانية للعمل.
3- وقيل جنّة لفعل الطاعات وجنّة لترك المعاصي.
4- وقيل جنّة جزاء للعمل وجنّة تفضل من اللَّه.
وهذه الأقوال- كما ترى- لا دليل على شي منها، ويمكن أن يكون التعبير الأول
هو الأنسب، واعتبار جميع الآراء ممكن أيضاً.
[1] ورد كلا الاحتمالين في تفسير مجمع
البيان، و تفسير الميزان.