القرآنية هذا العامل من جملتها ماورد في سورة مريم بعد الإشارة إلى (جنات
عدن) وبعض من نعمها: «تِلْكَ الْجَنَّةُ
الَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً».[1] (مريم/ 63)
من المعلوم أنّ الإسلام أعطى أهميّة كبيرة للتقوى، واعتبرها أحد شعاراته
المشهورة كما ورد ذلك في قوله تعالى: «انَّ
اكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ اتْقَاكُمْ».
(الحجرات/ 13)
فتقول الآية: إنّ الشرف والكرامة هو بتقوى اللَّه سبحانه وهي الوسيلة الوحيدة
إلى سعادة الدار الآخرة، فليس من العجب أن تصف الكثير من الآيات القرآنية
(التقوى) بأنّها مفتاح الجنّة.
«والتقوى»: هي اجتناب الذنوب والمعاصي والامتثال لأوامر اللَّه ونواهيه، واتّباع الحق
والعدل، وبتعبيرآخر: هي حالة الخوف الباطنية والوازع الذاتي الذي يمنع الإنسان من
الوقوع في المعاصي والآثام، أيأنّ التقوى مفهوم جامع يضم كافة التكاليف الإلهيّة
والأخلاقية والإنسانية.
التعبير ب (تلك) في بداية الآية والذي يشير إلى البعيد هو إشارة إلى عظمة الجنّة وكأنّها
عالية بدرجة خارجة عن نطاق الفكر والخيال.
وأمّا كلمة (الإرث) فيمكن أن يشير بها إلى المعاني الآتية:
1- كل تمليك ثابت، لأنّ الملك الوحيد الذي لا يقبل الرجوع والفسخ هو ما ينتقل
عن طريق الارث وكذلك الجنّة فإنّ اللَّه سبحانه وتعالى يورثها للمتقين.
2- قبل أن يكون للوراثة بعدٌ قانوني وتشريعي فإنّ لها بعداً تكوينياً وطبيعياً
إذ تنقل مجموعة الصفات الوراثية للآباء والامهات إلى الأبناء، وبهذا يكون المراد
بالإرث في الآية أعلاه: هو أنّ هناك علاقة معنوية تكوينية بين التقوى والجنّة.
3- الأموال الموروثة: هي أموال تصل إلى الإنسان بدون تعب وعناء غالباً،
والنعم
[1]. هناك الكثير من الآيات التي تشير
إلى العلاقة بين (التقوى) و (الدخول إلى الجنّة) ومن جملتها: آل عمران، 15،
133، 198؛ الرعد، 35؛ الحج، 45؛ النحل، 31؛ الفرقان، 15؛ الشعراء، 90؛ الزمر، 30،
73؛ الدخان، 51؛ محمد، 15؛ ق، 31؛ الذاريات، 15 وغيرها.