responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 360

ومن جهة فإنّ هذه الحقيقة تثبت، وهي: أنّ بين الحياة والممات مسافة قصيرة جدّاً، بحيث يمكنك البحث عن الممات في قلب الحياة، فإنّ وفرة الماء التي سببت تقدم قوم سبأ وإزدهار بلادهم وتطور حضارتهم، سبب هلاكهم يوماً ما!

ومن جهة اخرى فإنّ هذا يكشف عن شدة ضعف هذا الإنسان المغرور، وذلك لأنّه يقال إنّ السدّ (الذي اطلق عليه سدّ مأرب)، قد ثُقب بواسطة الجرذان الصحراوية ثقباً صغيراً في البداية ثم توسع الثقب إلى‌ أن أدّى‌ بالسدّ لأنّ ينهدم بالكامل، وبهذا نرى‌ أن جرذاناً صحراوية أبادت حضارة عظيمة.

ومن جهة ثالثة، فإنّ المستكبرين من قوم سبأ الذين لم يَرُق لهم رؤية المستضعفين بقربهم، وحسبوا أنّه ينبغي وجود فاصلة أو سد عظيم كسد مأرب بين أقلية الأشراف والأكثرية المستضعفة، طلبوا من اللَّه أن يبعد مدنهم عن مدن المستضعفين كي لا يتمكنوا من السفر مع المستكبرين، ويبقى‌ امتياز السفر خاصاً بهم‌ «رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا»، (سبأ/ 19) إلّاأنّ اللَّه فرقهم بشكل حيث لا هم بقوا ولا ظنونهم الباطلة.

ومن جهة رابعة، فإنّ حياتهم المرفهة أغفلتهم عن ذكر اللَّه، وما صحوا إلّابعد أن انتهى‌ كل شي‌ء.

وعلى‌ هذا، فيمكننا بالتأمل والدقّة والاستعانة بالعقل أن نستشف آيات كثيرة من هذه القصة وهذا الحديث‌ [1].

النتيجة:

إنّ المستشف من الآيات الأربع الماضية هو: أنّ كل من كان أدق وأكثر صبراً في دراسته لاسرار الخلق والحياة الاجتماعية، ولكل من كان شاكراً للنعم ومستعيناً بوسائل المعرفة فإنّ له نصيباً أوفر وأكثر من المعرفة، ولهذا كان الصبر والشكر أرضيتين ممهدتينِ للمعرفة.


[1]. ينبغي الالفتات إلى‌ أنّ مفردة «أحاديث» التي جاءت في الآية، منتهى‌ الجموع وتكشف عن وجود أحاديث وقصص كثيرة في ماضي قوم سبأ لا قصة واحدة.

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 360
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست